كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وقالوا في النّهي: لا تقم فأضربك، أي: فأنا أضربك، ومنه قوله تعالى: فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ (¬1) أى: فهم يتعلّمون.
وقالوا فى النّفى: إذا قلت: ما تأتينى فأكرمك، إن أردت أن تنفى الإتيان والإكرام معا، أو أردت أن توجب الإكرام، وتنفى الإتيان، فحكم الثّانى حكم الأوّل/ فى الإعراب، ويكون قد عطف جملة منفيّة على جملة منفيّة، وجملة موجبة على جملة منفيّة؛ فكأنّك قلت فى الأوّل ما تأتينى وما أكرمك، وفى الثّانى: ما تأتينى وأنا أكرمك، ومن الأوّل قوله تعالى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (¬2) أى: وما يعتذرون، ومن الثّانى قول الشّاعر (¬3):
غير أنّا لم تأتنا بيقين … فترجّى ونكثر التّأميلا
أى: فنحن نرجّى. فأمّا إذا نصبت فقلت: ما تأتينى فتحدّثنى، فله معنيان:
أحدهما: وجود الإتيان وعدم الحديث، كأنّك قلت: ما تأتينى إلّا لم تحدّثنى.
والثّانى: أنّك تريد: ما تأتينى فكيف تحدّثنى؟ أى: إذا كان الإتيان سبب الحديث وأنت لم تأت، فكيف يقع الحديث؟ ومنه قوله تعالى: لا يُقْضى
¬__________
(¬1) 102 / البقرة.
(¬2) 35، 36 / المرسلات.
(¬3) لم أقف على اسمه.
والبيت من شواهد سيبويه 3/ 31، 33، وانظر أيضا: ابن يعيش 7/ 36، 37 والمغني 480 وشرح أبياته 7/ 59 والخزانة 8/ 538، 560.
التّأميل: مصدر أمّلته، إذا رجوته.

الصفحة 598