كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وقالوا فى التّمنّى: ليت لى مالا فأنفقه، أى: فأنا أنفقه، ومنه قوله تعالى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (¬1) ويجوز النّصب (¬2)، وقالوا: هى فى بعض المصاحف محذوفة النّون (¬3)، وقد خيّر الخليل بين الرّفع/ (¬4) والنّصب فى قوله (¬5):
وما هو إلّا أن أراها فجاءة … فأبهت حتّى ما أكاد أجيب (¬6)
قال: وتقول: أريد أن تأتينى ثمّ تحدّثنى، بالنّصب، والرّفع جائز، وقال سيبويه: ويجوز الرّفع فى جميع هذه الحروف التى تشرك على هذا المثال (¬7)، قال: وتقول: ما أتيتنا فتحدّثنا (¬8).
¬__________
(¬1) 9 / القلم.
(¬2) وفيه وجهان: أحدهما: أنّ" يدهنوا" جواب" ودّوا"؛ لتضمّنه معنى" ليت"، والثّاني: أنّه على توهّم أنّه نطق ب" أن" أى: ودّوا أن يدهن فيدهنوا؛ فيكون عطفا على التّوهم، ولا يجئ هذا الوجه إلّا على قول من جعل" لو" مصدريّة بمعنى" أن".
(¬3) فى البحر المحيط 9/ 309:" .. وجمهور المصاحف على أثبات النّون، وقال هارون: إنّه في بعض المصاحف" فيدهنوا".
(¬4) الكتاب 3/ 54.
(¬5) هو عروة بن حزام. ديوانه 5، ونسب إلى كثيّر عزّة، وليس فى ديوانه المطبوع.
(¬6) وهو من شواهد سيبويه 3/ 54، وانظر أيضا: معانى القرآن للأخفش 145 وابن يعيش 7/ 38، 39 والخزانة 8/ 560.
أراها - بفتح الهمزة، من رؤية العين - تتعدّى إلى مفعول واحد، وهو هنا ضمير المحبوبة.
فجاءة: بغتة. أبهت: أتحيّر وأنقطع وأسكت وادهش.
(¬7) الكتاب 3/ 52.
(¬8) بين قوله: ما أتدتنا فتحدّثنا وقوله ابن السرّاج عبارة مقحمة، ولا معنى لها هاهنا، وهى:" الوجه الرّابع": أو عطف الماضى على الماضى".

الصفحة 600