كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وأعطوا" لو" (¬1) معنى" ليت" فنصبوا فى جوابها، وأنشدوا (¬2):
ولو نبش المقابر عن كليب … فيعلم بالذّنائب (¬3) أىّ زير
الحرف الثّانى" الواو" العاطفة، وينتصب ما بعدها فى غير الواجب من حيث ينتصب ما بعد" الفاء"، وذلك إذا لم ترد الإشراك بين الفعلين، وأردت عطف الثانى على مصدر الفعل الأوّل، وكانت متضمّنة معنى الجواب والجمع بمعنى" مع" فقط؛ فتكون" أن" مضمرة بعدها، كقولهم: لا تأكل السّمك وتشرب اللبن، أى: لا تجمع بين أكل السّمك وشرب الّلبن، فالنّهى متعلّق بالجمع بينهما فى الأكل، لا بأكلهما مفترقين.
وهذه الواو تفيد فى العطف الجمع بين الحكم والإعراب، فإذا اختلفا كان مقصود (¬4) هذا الباب، ومثله قوله تعالى: وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (¬5)، وقوله تعالى: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا
¬__________
(¬1) في الأصل: وأعطوا" لا". وانظر: الأصول 2/ 185.
(¬2) لمهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليبا.
(¬3) في الأصل: بالمذانب، ولعلّه تحريف من الناسخ.
وانظر: الأصمعيّات 154 والكامل 740 والأصول 2/ 185 والمغنى 267 وشرح أبياته 5/ 67.
الذّنائب: موضع. زير: يقال: فلان زير نساء، أى: صاحب نساء. وكان مهلهل كذلك قبل قتل كليب.
(¬4) كذا برفع مقصود:" فتكون" كان" تامّة. هذا والمراد بالاختلاف هاهنا الاختلاف فى الإيجاب وغير الإيجاب بين المعطوف عليه والمعطوف. قال ابن السّرّاج فى الأصول 2/ 155:" وإنّما وقع النّصب فى باب الواو والفاء فى غير الواجب؛ لأنّه لو كان الفعل المعطوف عليه واجبا لم يبن الخلاف فيصلح إضمار" أن".
(¬5) 142 / آل عمران.

الصفحة 603