كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

ولا تجعل أحدهما سببا للآخر، وهاهنا أحدهما سبب للآخر؛ فإنّ الضّرب/ لأجل الكفّ، التقدير: ليكوننّ منّي ضرب أو منك كف، أم: ليكوننّ الضّرب أو الكفّ.
وكلّ موضع وقعت فيه «أو»، وصلح فيه «إلّا أن» أو «إلى أن» فالفعل منصوب، فإن لم يصلح رفعت، تقول: أتجلس أو تقوم؟ وهل تكلّمنا أو تسكت؟ المعنى: أيكون منك أحد هذين؟ وعليه قوله تعالى: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ، أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (¬1).
وأمّا قوله تعالى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا (¬2) ف «يرسل» منصوب ب «أن» مقدّرة غير الظّاهرة؛ لأنّ التقدير: وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلّا وحيا أن يوحى (¬3) أو يرسل، وأمّا من رفع (¬4) «يرسل» فيكون «وحيا» حالا بمعنى موحى (¬5) إليه، أو مصدرا في موضع الحال، و «يرسل» معطوف عليه.
فإن كان قبل «أو» اسم أو شئ لا يمكن حمل ما بعده عليه تأوّلوا فيه المصدر، ونصبوا بإضمار «أن»، كقول (¬6) الشّاعر (¬7):
¬__________
(¬1) 72، 73 / الشعراء.
(¬2) 51 / الشورى.
(¬3) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزجّاج 4/ 403.
(¬4) وهم نافع وأهل المدينة، وابن ذكوان، بخلف عنه من طريقيه.
انظر: البحر المحيط 7/ 527 وإتحاف فضلاء البشر 384.
(¬5) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزجّاج الموضع السابق.
(¬6) في الأصل: لقول الشاعر.
(¬7) هو الحصين بن الحمام المرّيّ. انظر: المفضّليّات 66.
والبيت من شواهد سيبويه 3/ 50. وانظر أيضا: معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/ 403 وسرّ الصناعة 274 والتصريح 2/ 244 والخزانة 3/ 324.
رزام: هو ابن مالك بن حنظلة بن مالك بن عمرو ابن تميم. سبيع: هو ابن عمرو بن فتية. علقمة:
هو ابن عبيد ابن عبد بن فتية.

الصفحة 608