كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الحرف الخامس:" حتّى"، ولها موضعان:
أحدهما: أن تكون بمعنى" كى"، تقول: أطلع الله حتّى يدخلك الجنّة، فالأوّل علة الثّانى.
والموضع الثّانى: أن يكون بمعنى" إلى أن"، كقولك: انتظرته حتّى يقدم، وحتى قدم.
ومعناها: أن يكون ما بعدها غاية لما قبلها، والتقدير: حتّى يدخلك الجنّة، وحتّى أن تقدم، فأضمرت" أن"؛ لأنّ" حتى" - فى الأصل - حرف جرّ.
وتقع الأفعال الثّلاثة قبلها وبعدها.
فإذا كان ما بعدها ماضيا لم يكن ما قبلها إلّا ماضيا، كقولك: سرت حتّى طلعت الشّمس.
وإن كان ما بعدها مستقبلا جاز أن يكون ما قبلها ماضيا، ومستقبلا كقولك: سرت حتّى تطلع الشّمس، وأسير حتّى تطلع الشّمس.
وأمّا فعل الحال: فيقع بعدها، ولا يقع إلّا مرفوعا؛ لأنّ" أن" لا تدخل على الحال، و" حتّى" إنما تنصب بتقديرها، فبطل النّصب. وارتفاعه: على أن يكون الفعل الّذى قبلها علّة للذى بعدها، وهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون الأوّل قد مضى، والثّانى أنت فيه، ويعتبر بأن يقع الماضى موقعه، كقولهم: «شربت الإبل حتى يجئ البعير يجرّ بطنه»، ومنه قوله تعالى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا (¬1) فيمن رفع (¬2)؛ فيجوز
¬__________
(¬1) 214 / البقرة.
(¬2) وهو نافع، ونسبها سيبويه فى الكتاب 3/ 25 إلى مجاهد، ثم قال: وهى قراءة أهل الحجاز، انظر: السّبعة 281 - 282. والتّيسير 80 وإبراز المعانى 252 والبحر المحيط 2/ 140 والنّشر 2/ 227.

الصفحة 610