كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

واختار سيبويه النّصب فى قولك: إنّما سرت حتّى أدخلها، ومنع من الرّفع إذا كنت معلّلا (¬1) لسيرك (¬2)، وأجاز: إنما سرت قليلا حتّى أدخلها، (2) بالرّفع، لمّا قال: قليلا، قال: ولو قلت: سرت حتّى يدخلها زيد، لم يصحّ الرّفع؛ لأنّ سيرك لا يؤدّى زيدا إلى الدّخول (¬3)، ومثله: سرت حتّى تطلع الشّمس، بالرّفع، ولو قلت: سرت حتّى يدخلها ثقلى (¬4)، جاز الرّفع والنّصب، ولو قلت: أسرت حتّى يدخلها؟ لم يجز إلّا النصب؛ لأنّك لم نثبت سيرا؛ حيث استفهمت، فإن قلت: أيّهم سار حتّى يدخلها؟ جاز الرّفع؛ لإثبات السّير.
الصّنف الثّانى:" كى"، وترد فى الكلام على ضربين:
الضّرب الأوّل: أن تكون حرف جرّ بمعنى" اللّام"، وينتصب الفعل بعدها ب" أن" مضمرة؛ لأنّ الجارّ لا يعمل النّصب، فإذا قلت: جئت كى تعطينى؛ فمعناه: كى أن تعطينى، كما إذا قلت: جئت لتعطينى، أى:
لأن تعطينى، ولا يجوز إظهار" أن" بعد" كى" إلّا قليلا، وسنذكره (¬5)، وإنما علم كونها حرف جرّ بقولهم: كيمه؟ كما قالوا: لمه وعمّه وفيمه؟
فالأصل:" كى" دخلت على" ما" التى للاستفهام، ثمّ حذف الألف، كما حذف من قولهم: لم وفيم وعمّ؟ ثمّ أدخلوا عليها" هاء" الوقف، أو أبدلوا" الهاء" من ألف" ما"، فلمّا أشبهت حروف الجرّ بذلك جعلوها منها.
الضّرب الثّانى: أن تكون حرفا ناصبا، وينتصب الفعل بها من غير
¬__________
(¬1) فى الأصل: مقلّلا
(¬2) الكتاب 3/ 21.
(¬3) الكتاب 3/ 26.
(¬4) الثّقل - بالتحريك -: متاع المسافر وحشمه.
(¬5) انظر: ص 613.

الصفحة 612