كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

إضمار" أن"، وذلك إذا دخل عليها" لام" الجرّ، كقوله تعالى: لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ (¬1) ف" كى" هاهنا بمعنى" أن" وليست حرف جرّ؛ لدخول لام الجرّ عليها، والتقدير في الآية: لأن لا تأسوا، والأخفش يزعم أنّ" كى" (¬2) بدل من" اللّام"، والنّصب ل" أن" مضمرة.
وقد جاءت" أن" مظهرة فى الشّعر، قال (¬3):
وقالت:
أكلّ النّاس أصبحت مانحا … لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا
وقد جمعوا بين ظهور" أن" بعدها، ودخول" اللّام" قبلها، قال (¬4):
أردت لكيما أن تطير بقربتى … فتتركها شنا ببيداء بلقع
¬__________
(¬1) 23 / الحديد.
(¬2) انظر: الرضيّ على الكافية 2/ 239 والهمع 4/ 98.
(¬3) هو جميل بن معمر. ديوانه 125.
انظر: ابن يعيش 9/ 14، 16 وضرائر الشعر 60 والمغني 183 وشرح أبياته 4/ 157 والهمع 4/ 100 والخزانة 8/ 481.
قال ابن عصفور في ضرائر الشّعر:" و" أن" فيه ناصبة، لا زائدة، أظهرت للضّرورة؛ لأنّ" كيما" إذا لم تدخل عليها اللام كان الفعل بعدها منتصبا بإضمار" أن"، ولا يجوز إظهارها في فصيح الكلام".
(¬4) هذا القائل مجهول.
انظر: معاني القرآن للفرّاء 1/ 262 والإنصاف 580 وابن يعيش 7/ 19 و 9/ 16 وضرائر الشعر 60 والمغني 182 وشرح أبياته 4/ 157 والخزانة 8/ 484.
شنا: يابسة متخرّقة. البيداء: الصّحراء الّتى يبيد سالكها. أي: يهلك. بلقع: خالية.
هذا و" ما" في":" لكيما" زائدة. قال ابن عصفور:" أن فيه زائدة، غير عاملة؛ لأنّ" لكيما" تنصب الفعل بنفسها، ولا يجوز إدخال ناصب على ناصب".

الصفحة 613