كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وأمّا قوله تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ (¬1)، فالمبرّد يجعلها بمعنى: تظلّ (¬2)، والفارسيّ يجعله خبر مبتدأ. (¬3) وقد حذفوا الفاء ورفعوا الفعل، وعليه قرئ قوله تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ (¬4) كما حذفوها من قوله تعالى: وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (¬5) ومنه قول الشّاعر (¬6):
¬__________
(¬1) 4 / الشعراء.
(¬2) لم أقف على هذا الرّأي للمبرّد في المطبوع من كتبه، وقد استشهد المبرّد بالآية الكريمة على اكتساب المضاف إليه التّأنيث من المضاف على حدّ قول الشاعر:
كما شرقت صدر القناة من الدّم
قال في الكامل 668:" .. إنّما المعنى: فظلّوا لها خاضعين، والخضوع بيّن في الأعناق، فأخبر عنهم .. "، وقال الزّجاج في معاني القرآن وإعرابه 4/ 82:" معناه: فتظلّ أعناقهم؛ لأنّ الجزاء يقع فيه لفظ الماضى في معنى المستقبل ... " قلت: لعلّ الزجّاج أخذ ذلك عن أستاذه المبرّد.
(¬3) ولم أقف أيضا على هذا الرأي للفارسيّ في المطبوع من كتبه.
(¬4) 78 / النّساء. قرأ طلحة بن سليمان" يدرككم" بالرّفع، قال ابن جنّي:" قال ابن مجاهد: وهذا مردود في العربيّة، قال أبو الفتح هو - لعمرى - ضعيف في العربيّة، وبابه الشّعر والضّرورة إلّا أنّه ليس بمردود؛ لأنّه قد جاء عنهم .. " انظر: المحتسب 1/ 193 والبحر المحيط 3/ 299.
(¬5) 121 / الأنعام.
(¬6) هو حسّان بن ثابت. زيادات ديوانه 1/ 516. ونسب البيت إلى عبد الرحمن بن حسّان، كما نسب إلى كعب بن مالك الأنصاريّ. ديوانه 288، 312.
وهذا صدر البيت، وعجزه:
والشّرّ بالشّر عند الله مثلان
وهو من شواهد سيبويه 3/ 65 واستشهد سيبويه بقطعة منه مرّة أخرى فى الكتاب 3/ 114، وانظر أيضا: المقتضب 2/ 72 والأصول 2/ 195 و 3/ 462 والخصائص 2/ 281 والمحتسب 1/ 193 والمنصف 3/ 118 والتبصرة 410 وابن يعيش 9/ 2، 3 والمغني 56، 98، 139، 165، 236، 422، 423، 517، 636، 647 وشرح أبياته 1/ 371 و 3/ 214 و 4/ 37 و 6/ 289، 7/ 123، 330 و 8/ 6 والخزانة 9/ 49، 77.

الصفحة 634