كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

مسدّ جواب الشّرط، ومثله قوله تعالى: وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (¬1).
ومتى دخلت" اللّام" على" إن" فلا يكون الفعل الّذى بعد الشّرط إلّا ماضي اللّفظ؛ لأنّه لا جواب فيه، وقد جاء مضارعا فى الشّعر، قال (¬2):
لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا … أصم في نهار الصّيف للشّمس باديا
قال ابن السّرّاج: متى كان في الكلام قسم أو معنى القسم دخلت" النّون" فى الجواب، وإن لم يكن لم تدخل، تقول: لئن جئتني لأكرمنّك، وإن جئتني أكرمتك؛ وإذا جعلت الجواب القسم، أتيت بالّلام، وإن لم تجعله (¬3)، لم تأت بها.
الحكم الثّامن: قد استغنوا عن جواب الشّرط ب" إن" إذا كان فعلا مستقبلا؛ بدلالة ما قبله عليه، دون باقى أخواتها، كقولك: أكرمك إن جئتنى، فليس" أكرمك" جزاء مقدّما، ولكنه كلام وارد على سبيل الإخبار والجزاء محذوف.
وتقول: اتّق الله إن جئتنى، ولا تقول: ليتّق الله من جاءنى، إلّا أن تجعل" من" موصولة، وعلى ذلك تأوّلوا قوله تعالى: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ (¬4) فقالوا: التقدير: ونحلّ امرأة، ولم يقدّروه
¬__________
(¬1) 157 / آل عمران. هذا وقد قرأ الجمهور" تجمعون" بالتّاء إلّا عاصما فى رواية حفص فإنّه قرأ" يجمعون" بالياء، ولم يروها غيره. انظر:
السّبعة 218 والنشر 2/ 243 والإتحاف 181.
(¬2) القائل: امرأة من عقيل.
والبيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن 1/ 67، وانظر أيضا: المغني 236 وشرح أبياته 4/ 368، 371 والتّصريح 2/ 254 والخزانة 11/ 336.
(¬3) الأصول 2/ 198 - 199.
(¬4) 50 / الأحزاب.

الصفحة 638