كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

المتعلّق الخامس: حذف المبتدأ،
ولا يخلو الكلام؛ أن يكون فيه - إذا حذف المبتدأ - دليل عليه، أو لا يكون.
فإن لم يكن، فلا يجوز حذفه، لا تقول فى: زيد قائم: قائم، وتحذف زيدا؛ لأنه لا دليل عليه.
فأمّا ما فيه دليل، فهو على ضربين:
الأوّل: لك فيه الخيار حذفا وإثباتا؛ فالحذف للاختصار، وهو أكثر استعمالا؛ والإثبات للعناية به والتوكيد، يقول القائل: كيف أنت؟ فتقول:
صالح، أى: أنا صالح، وإن شئت أثبتّه فقلت: أنا صالح، وعلى الحذف قوله تعالى: قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ (¬1) أى هى النّار، وقوله تعالى:
قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ * (¬2) أى: أمرى وشأنى صبر جميل، ومنه قول المستهلّ إذا رأى الهلال:" الهلال والله" أى: هذا الهلال والله.
وقد حذف المبتدأ وأقيم الظّرف - الّذى هو صفته - مقامه، كقوله تعالى:
وَأَنَّا مِنَّا/ الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ (¬3) أى: ومنّا قوم دون ذلك.
الضّرب الثّانى: لا يجوز ظهوره فى الكلام، وهو قولهم:" لا سواء"، ف" سواء": خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذان لا سواء، لكنهم لم ينطقوا به، قال سيبويه (4): إنما دخلت" لا" ها هنا؛ لأنّها عاقبت ما عليه (¬4) سواء؛ وذلك
¬__________
(¬1) - 72 / الحج.
(¬2) - 18، 83 / يوسف.
(¬3) - 11 / الجنّ.
(¬4) - فى الكتاب 2/ 302:" وإنما دخلت لا هنا لأنها عاقبت ما ارتفعت عليه سواء، ألا ترى أنك لا تقول هذان لا سواء ... "

الصفحة 64