كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

وقد جوّزوا النّصب على الجواب بالفاء.
فإن لم يكن فى الكلام عاطف: فلا يخلو: أن يعاد حرف الشّرط، أو لا يعاد.
فإن أعيد توقّف وقوع الجزاء على وجود الشّرط الثّانى قبل الأوّل، كقولك: إن أكلت إن شربت فأنت طالق، لا يقع الطّلاق حتّى يكون الشّرب قد وجد منها قبل الأكل؛ لأنّه علّق الطّلاق على أكل معلّق على شرب.
وإن لم يعد حرف الشّرط فلا يخلو: أن يكون بمعنى الأوّل، أو بغير معناه.
فإن كان بمعنى الأوّل جزمت كقوله (¬1):
متى تأتنا تلمم بنا فى ديارنا … تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا
لأنّ الإلمام بمعنى الإتيان.
وإن كان بغير معناه كان مرفوعا، وكان حالا، كقوله (¬2):
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره … تجد خير نار عندها خير موقد
¬__________
(¬1) هو عبيد الله بن الحرّ. وقيل: هو الحطيئة، وليس فى ديوانه المطبوع.
والبيت ملفّق من بيتين. قال البغداديّ في الخزانة:" صدره للحطيئة وعجزه لابن الحرّ".
وهو من شواهد سيبويه 3/ 86، وانظر أيضا: المقتضب 2/ 63 والتبصرة 162 والإنصاف 583 وابن يعيش 7/ 53 و 10/ 20 والخزانة 9/ 90، 96.
الجزل: الغليظ. تأجّجا: من الأجيج، وهو: صوت لهب النّار.
(¬2) هو الحطيئة. ديوانه 161.
والبيت من شواهد سيبويه 3/ 86، وانظر أيضا: مجالس ثعلب 467 والمقتضب 2/ 65 والتبصرة 417 وابن يعيش 2/ 62 و 4/ 248 و 7/ 45، 53 والخزانة 9/ 92، 93 واللسان (عشا).
تعشو إلى النّار: تأتيها ظلاما في العشاء، ترجو عندها خيرا.

الصفحة 643