كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

فأمّا إذا قلت: أقوم إن تقم، وعطفت عليهما بفعل فإن كان من جنس الأوّل رفعته لا غير، كقولك: تحمد إن تأمر بالمعروف وتؤجر، وإن كان من جنس الثّانى فيجوز فيه الجزم، عطفا على" إن"، والرّفع على الاستئناف، والنّصب على الصّرف (1)، كقولك: تحمد إن تنه عن المنكر وتأمر بالمعروف، فإن كان الفعل يصلح أن يكون من جنس الأوّل والثّانى جاز فيه الرّفع عطفا على الأوّل، والاستئناف والجزم عطفا على" إن" والنّصب على الصّرف، كقولك: تحسن إلينا إن تزرنا (¬1) وتكرمنا.
الحكم الثّانى عشر: قد حذفوا الشّرط وأقاموا مقامه أشياء؛ وهى:
الأمر والنّهى والاستفهام والتّمنّى والدّعاء، والعرض، كقولك: زرنى أزرك، ولا تفعل الشّرّتنج وأين بيتك أزرك، وليت لى مالا أنفقه، واللهمّ ارزقنى خيرا أشارك فيه، وألا تزورنا نكرمك، ومنه قوله تعالى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (¬2) كلّ هذه الأمثلة يجزم الجواب فيها، التّقدير: زرنى فإنّك إن تزرنى أكرمك، ولو حملت الكلام على ظاهره أحلته؛ لأنّ الأمر بالإتيان لا يكون موجبا
¬__________
(¬1) كلام ابن الأثير هاهنا يكاد يكون منقولا بنصّه من أصول ابن السرّاج 2/ 189، وفرق ما بينهما: أنّ ابن السّراج قال:" .. وهذا النّصب يسمّيه
الكوفيّون الصرف ... " أمّا ابن الأثير فقد ذكر النّصب على الصّرف غير معزوّ إلى الكوفيّين، ممّا يومئ إلى أنّه هاهنا يميل إلى رأيهم، وانظر الكلام على الصّرف فى معانى القرآن للفرّاء 1/ 33 - 34، وانظر أيضا:
الإعراب على الخلاف في الجملة العربيّة (بحث للدكتور/ صاحب أبو جناح، منشور بمجلّة المورد - العدد الثالث - مجلّد (13) لسنة 1984 م).
ويقول ابن السّرّاج فى الموضع السّابق من الأصول:" وهذا النّصب يسمّيه الكوفيّون الصّرف؛ لأنّهم صرفوه عن النّسق إلى معنى غيره" فالنّصب على الصّرف فى الأمثلة الّتى ذكر ابن الأثير نقلا عن ابن السرّاج معناه أنّ الأفعال: وتؤجر، وتأمر، وتكرمنا منصوبة بمخالفتها في الإعراب لما قبلها.
(¬2) 143 / الأعراف.

الصفحة 644