كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الحكم الرّابع عشر: المضمر (¬1) فى هذه الأشياء السّتّة يجب أن يكون مثل المظهر؛ تقول فى النهى: لا تشتم الناس يسلم عرضك، فالتّقدير فيه:
لا تشتم النّاس إن لا تشتم النّاس يسلم عرضك، فالمضمر مثل المظهر؛ فعلى هذا إذا قلت: لا تدن من الأسد يأكلك، لم يجز الجزم؛ لأنّ المضمر: إن لا تدن من الأسد، وهذا محال؛ لأنّه إنّما يأكله إذادنا منه، لا إذا لم يدن منه، ولو قلت: إنّه بمعنى: فإنّك إن تدن منه يأكلك وجب إظهار الشّرط؛ لأنّه إنّما يضمر إذا كان ما قبله من جنسه والنّهى ضدّ الإثبات؛ ولذلك لم يدخل النّفى فى هذا الحكم، فلا تقول: ما تعطينا نشكرك، إذا كان التقدير: إن لا تعطينا نشكرك، وهو محال، فمتى خالف الثّانى الأوّل وجب إظهار المضمر، كقوله تعالى: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ (¬2) وقد أجاز الكسائىّ مسألة الأسد (¬3)؛ حملا على الّلفظ والمعنى، قال ابن السّرّاج: لم يجز إلّا على المجاز وأنّ السّامع يعلم ما تعنى (¬4)، قال سيبويه: وسمعت من العرب من يقول: «لا تذهب به تغلب عليه» (¬5)، فإن لم تجعل الأكل جواب النّهى رفعت، على ما تقدّم فى الحكم الثّالث عشر.
¬__________
(¬1) في الأصل: المضمرة.
(¬2) 26/ 27 / نوح.
(¬3) انظر: شرح الكافية الشّافية 1552 والتصريح 2/ 243.
(¬4) الأصول 2/ 183.
(¬5) الكتاب 2/ 170.

الصفحة 647