كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها (¬1)، فردّ إلى اللّفظ، وقوله: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً (¬2) فأعاد إلى المعنى.

الفصل الثّالث فيما اشتركا فيه:
تكون فى كلا وجهيها مرفوعة ومجرورة.
فالرّفع: علي الابتداء، تقول: كم درهما مالك؟ فهي مبتدأ، و «مالك» خبره، و «درهما» مميّزه، وكذلك فى الخبريّة؛ وإنّما جاز الابتداء بها وهي نكرة لاستغراقها الجنس؛ فنزّلت به منزلة المعارف، ويجوز أن تجعل «مالك» المبتدأ، و «كم» الخبر. وتقول: كم درهما عندك؟ وكم غلام لك، فالتقدير: أيّ عدد من الدّراهم حاصل عندك، وكثير من الغلمان كائن لك، فإذا قلت: كم غلاما مالك ذاهب، جعلت «لك» صفة ل «الغلام» و «ذاهبا» خبرا ل «كم»، وإذا قلت: كم غلمانك؟ فلا يجوز إلا الرّفع في «غلمانك»؛ لأنّه معرفة، والتّمييز لا يكون بالمعرفة؛ فكأنّك قلت: أعشرون غلمانك (¬3)؟.
وأمّا النّصب: فعلى المفعول: كقولك: كم إنسانا ضربت.؟ وكم غلام ملكت، ف «كم» منصوبة ب «ضربت» و «ملكت»
وتنتصب علي الظّرفيّة؛ كقولك: كم ليلة سرت؟ وكم يوم صمت، كأنّك قلت: أعشرين ليلة سرت؟ وأيّاما كثيرة صمت.
¬__________
(¬1) 4 / الأعراف.
(¬2) 26 / النجم. وقد مرّت قريبا ص 654.
(¬3) قوله: فلا يجوز إلّا الرّفع ... إلى قوله: أعشرون غلمانك، هو نصّ كلام ابن السرّاج فى الأصول 1/ 317.

الصفحة 655