كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

«النّون» علي هذه الأفعال، وإن شئت (¬1) لم تدخلها، قالوا: لأنّ الأمر والنّهى قد يقعان غير مرادين، كقوله تعالي: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ (¬2) وقوله تعالي:
وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ * (¬3)؛ ولأنّهما يخصّان بصيغتهما الاستقبال، فلم يحتاجا إلى فاصل. وأمّا الاستفهام فإنّما دخلت عليه لشبهه بالأمر والنّهي؛ لأنّه استدعاء/ العلم بالمستفهم عنه، ومن التّأكيد فى الأمر والنّهى قول الأعشى (¬4):
وإيّاك والميتات لا تقربنّها … ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا
وقول الآخر (¬5):
فلا تقبلن ضيما مخافة ميتة … وموتا بها حرّا وجلدك أملس
¬__________
(¬1) انظر: التبصرة 430.
(¬2) 23 / البقرة.
(¬3) 35 / البقرة و 19 / الأعراف. قال أبو جعفر النحّاس في إعراب القرآن 1/ 163: «نهى؛ فلذلك حذفت النون».
(¬4) ديوانه 137. وروايته.
وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه … ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا
وهو من شواهد سيبويه 3/ 510 وانظر أيضا: التّبصرة 433 وأمالي ابن الشجريّ 1/ 384 و 2/ 268 والإنصاف 657 وابن يعيش 9/ 39، 88 و 10/ 20 والمغنى 372 وشح أبياته 6/ 162، 164.
(¬5) هو المتلمّس ديوانه 111.
انظر: شرح حماسة أبى تمّام للمرزوقىّ 658 والأساس (ملس) وورد عرضا في الخزانة 7/ 291.
جلدك أملس: أى: أنت بريء من الذّمّ والعار.

الصفحة 662