كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

الضّرب الثّالث: المسموع. قد أدخلوا «النّون» علي أفعال مستقبلة فى الخبر، وقبلها «ما» زائدة، قالوا: «بجهد مّا تبلغنّ» (¬1)، و «بعين مّا أرينّك» (¬2)، شبّهوا «ما» بلام القسم؛ لكونها مؤكّدة؛ ولذلك أدخلوها فى الشّرط والجزاء، كقوله تعالى: فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ (¬3)، قال سيبويه: وقد تدخل «النّون» للضّرورة وليس معها (¬4) «ما»، وأنشد (¬5):
ربّما أوفيت فى علم … ترفعن ثوبى شمالات
وإنّما حسّن هذا زيادة «ما» في «ربّ».
وزعم يونس أنّم يقولون: هلّا يقولنّ، وألا يقولنّ، وربّما يقولنّ، وكثر ما يقولنّ؛ تشبيها بلام اليمين، ولا يجوز طرح «ما» (¬6) هاهنا.
وقال سيبويه: يجوز للمضطر أن يقول: أنت تفعلنّ ذلك، وقال: وتدخل
¬__________
(¬1) انظر: سيبويه 3/ 516. ويقال لمن حملته فعلا فأباه، أي: لا بدّ لك من فعله مع مشقّة.
(¬2) ذكره أبو هلال العسكريّ في جمهرة الأمثال 1/ 236.
وذكره أيضا الميدانيّ في مجمع الأمثال 1/ 175. وانظر أيضا: سيبويه 3/ 517.
ويضرب في الحث علي ترك البطء، ولمن يخفى أمرا أنت به بصير. قال الميدانىّ: أي: اعمل كأنّى أنظر إليك. و «ما» صلة دخلت للتّأكد؛ ولأجلها دخلت النّون.
(¬3) 41 / الزّخرف.
(¬4) الكتاب 3/ 515، 518.
(¬5) لجذيمة الأبرش. وهو من شواهد سيبويه 3/ 518 وانظر أيضا: نوادر أبى زيد 536 والمقتضب 3/ 15 والأصول 3/ 453 والإيضاح العضدىّ 1/ 253 واللامات 115 والتبصرة 190، 431 وابن يعيش 9/ 40 والمغنى 135، 137، 309 وشرح أبياته 3/ 163 و 5/ 257 والخزانة 11/ 404.
أوفيت علي الشئ: أشرفت عليه، و «فى» بمعني «على» العلم: الجبل. الشمالات: جمع شمال - بالفتح - وهي الريح التي تهبّ من جهة
الشّمال.
(¬6) الكتاب 2/ 153.

الصفحة 665