كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

النوع الثّالث: الجمل إذا جاءت بعد القول، حكيت: تقول: قال زيد: عمرو منطلق، وقلت: الله إله واحد، فإن جئت بمعنى الجملة نصبت، كمن قال: لا إله إلّا الله، فتقول: قلت حقّا. فأمّا قوله تعالى: «واذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا» (¬1) فعلى تقدير: أنزل خيرا (¬2)، وقوله: ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (¬3) على تقدير: هذه أساطير الأوّلين (¬4)، ولو نصب لكانوا قد أقرّوا بالإنزال (¬5). وأمّا قوله تعالي: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (¬6) فهو منصوب بفعل مضمر، تقديره: سلمنا منكم سلاما (¬7)، ولو ظهر لكان محكيا.
وأمّا قوله تعالي: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ (¬8) فنصب الأوّل مثل قولك: قلت حقا، أو كأنّه بعض جملة محكيّة،
¬__________
(¬1) 30 / النّحل.
(¬2) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزّجّاج 3/ 196 والأصول: 2/ 264.
(¬3) 24 / النحل.
(¬4) فى معانى القرآن وإعرابه للزّجّاج 3/ 194: «... و «أساطير» مرفوعة على الجواب، كأنّهم قالوا:
الّذي أنزل أساطير الأوّلين .....».
(¬5) قال أبو جعفر النّحاس في إعراب القرآن 2/ 208: «... ولم يقرّوا أنّه أنزل شيئا؛ فلهذا كان مرفوعا».
(¬6) 63 / الفرقان.
(¬7) في معاني القرآن وإعرابه للزجّاج 4/ 74: «أى نتسلّم منكم سلاما، لا نجاهلكم، كأنّهم قالوا: تسلّما منكم». وانظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 136 حيث قال مكّى: «نصب على المصدر، معناه تسليما، فأعمل القول فيه؛ لأنّه لم يحك قولهم بعينه، إنّما حكى معنى قولهم، ولو حكى قولهم بعينه لكان محكيا ولم يعمل فيه القول ...».
(¬8) 69 / هود. هذا والآية في الأصل كتبت هكذا: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ وصحّتها ما أثبتّ. وأمّا الآية البادئة ب «لمّا» فى قصة إبراهيم فهى قوله تعالي: «ولمّا جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنّا مهلكو أهل هذه القرية ....» 31 / العنكبوت.

الصفحة 712