كتاب البديع في علم العربية (اسم الجزء: 1)

إذا انشقّت السّماء انشقّت، وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، فالظّاهر فى الآيتين مفسّر للمضمر؛ ولهذا نصب الشّاعر ما جاء بعدهما فى قوله (¬1):
إذا ابن أبى موسى بلالا بلغته … فقام بفأس بين جنبيك جازر
وفى قوله (¬2):
لا تجزعى إن منفسا أهلكته … وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى
ومن رفعهما بفعل مضمر، تقديره: إذا بلغك، وإن هلك - وقد جوّزه سيبويه - (¬3) رفع ما بعد" إذا" بالإبتداء (¬4)، كما جوّزه فى" حيث".
¬__________
(¬1) - هو ذو الرمّة. انظر: ديوانه 1042.
والبيت من شواهد سيبويه 1/ 82، وانظر أيضا: المقتضب 2/ 77 والخصائص 2/ 380 والتّبصرة 333 وابن يعيش 2/ 30 و 4/ 96 والمغنى 269 وشرح أبياته 5/ 90 والخزانة 3/ 32. ورواية هذه المصادر: بين وصليك، والوصل - بكسر الواو - واحد الأوصال، وهى المفاصل.
(¬2) - هو النّمر بن تولب.
والبيت من شواهد سيبويه 1/ 82، وانظر أيضا: المقتضب 2/ 76 وأمالى ابن الشجرى 1/ 332 والتبصرة 332 وابن يعيش 2/ 38 والخزانة 1/ 314 و 3/ 312 و 9/ 44 والمغنى 166 و 403 وشرح أبياته 4/ 52 و 6/ 251، 234. والمنفس: النفيس: يتنافس فيه.
(¬3) - فى الكتاب 1/ 107. هذا وفى الأصل: وقد جوّز سيبويه .... والمناسب ما أثيتّ.
(¬4) - فى كتاب سيبويه 1/ 82:" فالنصب عربىّ كثير، والرفع أجود" وظاهر كلام سيبويه أن الرفع جائز على الابتداء، ورأيه: أن" إذا" يقبح الابتداء بعدها، قال فى 1/ 106 - 107:" وممّا يقبح بعده ابتداء الأسماء، ويكون الأسم بعده - إذا أوقعت الفعل على شئ من سببه - نصبا فى القياس:
" إذا" و" حيث" تقول: إذا عبد الله تلقاه فأكرمه ... لأنهما يكونان فى معنى حروف المجازاة، ويقبح إن/ ابتدأت الاسم بعدهما، إذا كان بعده
الفعل ... " فيكون الرفع أجود، على أن" ابن أبى موسى" - فى الشاهد الأوّل - نائب فاعل لفعل محذوف يفسّره المذكور، لا على سبيل الابتداء.
هذا تحقيق كلام سيبويه فى الموضعين.
وقال المبرّد فى المقتضب 2/ 77:" ... ولو رفع على هذا رافع على غير الفعل لكان خطأ؛ لأن هذه الحروف لا تقع إلا على الأفعال، ولكن رفعه يجوز على ما لا ينقض المعنى، أن يضمر" بلغ"، فيكون:
إذا بلغ ابن أبى موسى، وقوله: بلغته" إظهار للفعل وتفسير للفاعل".

الصفحة 73