ضعيفا، لم يتقدّم الحال عليه، وقد جاز تقدّمه ها هنا؛ حملا على الظّرف.
فمن المحذوف، قوله تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (¬1) فمن رفع بالابتداء و" صبر وغفر"، صلته، و" إنّ" وما بعده الخبر، والعائد محذوف، تقديره: منه، وذلك إشارة إلى الصّبر والغفران، ومثله قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (¬2) فى قول (¬3)، ومنه قوله: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (¬4) وقوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (¬5) وهذا فى القرآن كثير.
وليس هذا الحذف عندهم غريبا؛ فإنّهم قد حذفوا الجملة بأسرها، نحو قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ (¬6) أى: فعدّتهنّ ثلاثة أشهر.
¬__________
(¬1) - 43 / الشورى.
(¬2) - 30 / الكهف.
(¬3) - على القول بأنّ خبر" إنّ" الأولى قوله تعالى:" إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا"؛ لأن المعنى: إنا لا نضيع أجرهم؛ لأنّهم ممّن أحسن عملا، وانظر: معانى القرآن للأخفش 2/ 396 ومشكل إعراب القرآن لمكى بن أبى طالب 2/ 41.
(¬4) - 40، 41 / النازعات.
(¬5) - 19 / آل عمران. والآية فى النسخة هكذا: ومن يكفر بآيات الله فإنّ الله شديد العقاب وليس فى القرآن الكريم آيه بهذا النّص، وفى سورة الأنفال آية نصهّا:" وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ" وهى الآية رقم 13 وفى سورة الحشر أيضا قوله تعالى:" وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ" وهى الآية رقم 4، وهذه الآيات كلّها تصلح شاهدا على المسألة؛ لأن التقدير:
سريع الحساب له، وشديد العقاب له، ويجوز أن يكون التقدير: سريع حسابه، وشديد عقابه، والله أعلم.
(¬6) - 4 / الطلاق. وانظر 1/ 91 فسيتكلّم على الآية هناك.