حلو وكلّه حامض، وليس هذا الغرض منه، وقال الأخفش: الخبر الثانى وقع كالصّفة (¬1): للأوّل، وإنما أرادو بالإخبار: أنّ هذا حلو فيه حامضه.
المتعلّق الخامس: لا تعطف الأخبار على مبتدآتها بحرف، الّا بالفاء فى موضعين؛ أحدهما لازم، والآخر غير لازم.
أمّا اللازم ففى موضعين:
أحدهما: أن يكون المبتدأ شرطا جازما بالنيابة (¬2)، وجزاؤه جملة اسميّة أو أمريّة أو نهييّة، كقولك: من يأتني فله درهم، ومن يأتك فأكرمه، ومن يكرمك فلا تهنه، ومثله قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ (¬3)، وحمل عليه سيبويه (¬4) وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ (¬5) تقديره: ومن عاد فهو ينتقم الله منه، فالفاء داخلة على مبتدأ محذوف، ومنه قول الشّاعر (¬6):
ورد وأشقر لم ينهئه طابخه … ما غيرّ الغلى منه فهو مأكول
فأمّا قوله تعالى: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (¬7) فتستجئ في باب الشّرط (¬8).
¬__________
(¬1) - ذكر ذلك خالد الأزهرى فى التصريح 1/ 183.
(¬2) - أى: عن" إن"، لأنها أمّ الباب. انظر: المقتصد 1108.
(¬3) - 3 / الطلاق.
(¬4) - الكتاب 3 // 69.
(¬5) - 95 / المائدة.
(¬6) - هو عبدة بن الطبيب. انظر: ديوانه 73، ورواية الديوان: وردا وأشقر بالنصب.
وانظر أيضا: المفضليّات 41 أو العقد الفريد 1/ 165، وروايتهما بالنصب كرواية الديوان.
يريد بالورد: ما أخذ فيه النضّج من اللحم، وبالأشقر: ما لم ينضج. لم ينهئة: لم ينضجه. يقال:
نهئ اللحم ينهأ نهأ ونهأ ونهاءة ونهوءة، إذا لم ينضج، ويأتى الفعل متعدّيا أيضا، يقال: أنهأت اللحم إنهاء، إذا لم يّنضجه، فهو منهأ. انظر: الصحاح (نهأ).
(¬7) - 145 البقرة.
(¬8) - 1/ 637.