ضربته، كأنّك قلت: ضربت زيدا ضربته، ومثله قوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ (¬1)، بالرّفع (¬2) والنصب (¬3)، وقريب منه قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (¬4)، لأنّك إذا نصبت" القمر" لم تجد للنّصب فائدة لا توجد فى الرّفع وإذا نصبت/ كلا اشتمل الخلق على جميع (¬5) الأشياء، كأنه قال:
خلقنا كلّ شئ بقدر، وفى حال الرّفع لا يتمحّض (5) للعموم.
وهذا الضّمير الّذى فى أمثال هذا الخبر على ثلاثة أضرب:
الأوّل: أن يكون الفعل متعدّيا إلى ضمير الاسم المنصوب، ويكون من جنس الأوّل فى العمل، كقولك: زيدا أكرمته،
ألا تراه تعدّى إلى ضمير زيد، وهو مثل المضمر فى العمل.
الثّانى: أن يكون الفعل المظهر متعدّيا إلى ما هو من سبب الاسم المنصوب بفعل مضمر، كقولك: زيدا ضربت أخاه، وهذا يتنزّل منزلة الأوّل فى إضمار فعل ينصب الاسم ويدلّ عليه المظهر؛ من حيث التبس بما هو من سببه حتّى لو قلت: زيدا ضربت عمرا، لم يجز حتى تقول: فى داره أو نحو ذلك.
الثّالث: أن يكون الفعل الظاهر من جنس المضمر فى العمل، كقولك:
زيدا مررت به، فالفعل المضمر ناصب، والمظهر متعدّ بحرف الجرّ، لكنّه لمّا كان فى موضع نصب قدّر المضمر فعلا بمعنى المظهر، وهو: جزت زيدا مررت به، أو ما أشبه ذلك.
فإن عطفت هذا الاسم المختار فيه الرّفع على جملة فعليّة، اختير فيه
¬__________
(¬1) - 39 / يس.
(¬2) - وبه قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وروح، ووافقهم الحسن واليزيدىّ.
(¬3) - وبه قرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائىّ. انظر: السبعة 540 والكشف عن وجوه القراءات السبع 2/ 216، والنشر 2/ 353.
(¬4) - 49 / القمر.
(¬5) - فصّل القول فى ذلك مكىّ بن أبى طالب فى مشكل إعراب القرآن 2/ 340 - 341.