كتاب الكناش في فني النحو والصرف (اسم الجزء: 1)
ووفّى له بذلك وأعطاه حماة بعد أن أمّر أسندمر - الذي كان أميرا عليها - على حلب بعد موت نائبها قبجق - وجعله صاحبها، سلطانا يفعل فيها ما يختار من إقطاع وغيره ليس لأحد من الدولة بمصر من نائب ووزير معه فيها حكم، اللهم إلّا إن جرّد عسكر من مصر والشام جرّد منها؛ وأركبه في القاهرة سنة 720 هـ بشعار الملك وأبّهة السلطنة، ومشى الأمراء والناس في خدمته حتى الأمير سيف الدين أرغون، ولقبه الملك الصالح، ثم بعد قليل لقبه الملك المؤيّد (¬1) وعاد أبو الفداء إلى حماه بعد أن جهّزه السلطان بسائر ما يحتاج إليه (¬2).
وقد صوّرت لنا المصادر أيضا تلك المنزلة الرفيعة والمكانة السامية التي نالها أبو الفداء لدى الملك الناصر، فقد تقدّم الملك الناصر إلى نوابه: «بأن يكتب إليه - يقبّل الأرض وهذا لفظ يختصّ - كما يقول الشوكاني، بالسلطان الأعظم (¬3) - وكان الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله يكتب إليه: يقبّل الأرض بالمقام الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي المؤيّدي العمادي، وفي العنوان صاحب حماة، ويكتب السلطان إليه (أخوه محمد بن قلاوون) أعزّ الله أيضا المقام الشريف العالي السلطاني الملكي المؤيدي العمادي بلا مولوي: (¬4) وكان تاريخ التقليد في الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 710 هـ (¬5).
وقد قابل أبو الفداء هذا الإكرام والتعظيم بالوفاء والولاء، فكان يتوجه «إلى مصر في كلّ سنة بأنواع من الخيل والرقيق والجواهر وسائر الأصناف الغريبة» (¬6).
وبقي أبو الفداء ملكا على حماة حتى توفي فجأة في الثالث والعشرين من
¬__________
(¬1) الوافي بالوفيات، 9/ 173 والدرر الكامنة، 1/ 371 والمنهل الصافي، 1/ 209 ظ والبدر الطالع، 1/ 151 - 152.
(¬2) النجوم الزاهرة لابن تغري بردي، 9/ 292.
(¬3) البدر الطالع، 1/ 152.
(¬4) الوافي بالوفيات، 9/ 173 - 174 والدرر الكامنة، 1/ 373 والنجوم الزاهرة، 9/ 33 وكتاب السلوك، 2/ 354.
(¬5) المختصر، 4/ 63.
(¬6) الوافي بالوفيات، 9/ 174 والدرر الكامنة، 1/ 372.
الصفحة 13
418