كتاب الكناش في فني النحو والصرف (اسم الجزء: 1)

1 - أن ابن تغري بردي في كتابه المنهل الصافي ذكر أن أبا الفداء «حفظ القرآن العزيز وعدّة كتب» (¬1) وهذا القول يدلّ على أنّ أبا الفداء قد قرأه وحفظه على يدي عالم مقرئ، ويستتبع ذلك - فيما أظن - تعلّمه التجويد والتفسير والنحو والصرف، لأنّ هذه العلوم - قديما - مترافقة متكاملة يردف بعضها بعضا، ومما يؤكد ذلك أن كتاب الكناش الذي بين أيدينا هو كتاب نحوي صرفي ضمّنه أبو الفداء كثيرا من القراءات القرآنية مبيّنا اختلاف القرّاء حولها، واختلافهم مع النحويين أحيانا، ولا ريب أنه لو لم يكن متمكّنا من ذلك لما استطاع أن يتمثّل بهذه الشواهد.
2 - أن أبا الفداء في كتابه المختصر أخبرنا عن اسم شيخ له هو جمال الدين محمد بن سالم بن واصل الشافعي المتوّفى 697 هـ الذي كان مبرّزا في علوم كثيرة وصاحب كتاب «مفرج الكروب في أخبار بني أيوب»، وبيّن بأنه «كان يتردّد عليه وعمره خمسة وعشرون عاما، لأنّ مولده كان سنة 672 هـ - وقرأ عليه شرحه لعروض ابن الحاجب وكان يعرض عليه ما لم يحلّه من إشكال كتاب أقليدس ويستفيد منه ويصحّح عليه أسماء من له ترجمة
في كتاب الأغاني (¬2).
3 - أن ابن حجر في كتابه الدّرر الكامنة أشار إلى أن أبا الفداء كان يقتني «كتبا نفيسة ولم يزل على ذلك إلى أن مات» (¬3) وهذا الخبر يدلّ على اهتمام أبي الفداء بالعلم الذي كان من نتيجته جمع هذه المكتبة النادرة، ويؤكّد هذا الاهتمام أنّ أبا الفداء في كتابه المختصر يوجّه عنايته، حين يترجم للرجال، إلى ما صنفوه وما اقتنوه من كتب وينصّ على أماكن وجودها، ففي ترجمته لأحمد بن يوسف المنازي المتوفى 436 هـ ذكر أنه كان يقتني «كتبا كثيرة وأوقفها على جامع ميّافارقين وجامع آمد وهي، إلى قريب، كانت موجودة بخزائن الجامعين» (¬4) ومن ذلك ما رواه أيضا عن أبي علي
¬__________
(¬1) المنهل الصافي، 1/ 208 ظ.
(¬2) المختصر، 4/ 39 - 40 وفي المختصر، 1/ 106 - 107 ما يفيد أن أبا الفداء قد اعتمد على الأغاني حين ترجم لبعض الشعراء في المختصر فقد نص على أن «زهير بن خباب الكلبي قد ذكره صاحب الأغاني وأورد له شعرا وكذا معقر بن حمار البارقي».
(¬3) الدرر الكامنة، 1/ 372.
(¬4) المختصر، 2/ 176.

الصفحة 16