كتاب الكناش في فني النحو والصرف (اسم الجزء: 1)

ومن ثمّ خظّئ أبو نواس في قوله: (¬1)
كأنّ صغرى وكبرى من فواقعها … حصباء درّ على أرض من الذّهب
وأما استعمالهم دنيا وجلّى ونحوهما بدون ذلك فمؤوّل. أمّا دنيا وهي تأنيث الأدنى، فإنّها غلبت عليها الاسميّة بعد أن كانت صفة وصارت اسما لهذه الحياة الأولى، وأمّا جلّى فكانت صفة تأنيث الأجل، ثم غلبت عليها الإسميّة فجرّدت عن الألف واللام وصارت اسما للحرب (¬2) / قال الشاعر: (¬3)
وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة … يوما سراة كرام النّاس فاد عينا

ذكر اسم الزمان والمكان (¬4)
والمراد باسم الزمان والمكان الاسم المشتقّ لزمان الفعل أو مكانه والغرض من الإتيان بذلك ضرب من الإيجاز والاختصار، فإنه لولاهما للزم الإتيان بلفظ الفعل ولفظ الزمان والمكان نحو: هذا الزمان أو هذا المكان الذي قتل فيه زيد (¬5) فاشتقّ اسم الزمان أو المكان على مثال الفعل المضارع، وأوقعوا ميما موقع حرف المضارعة فقالوا: هذا مقتل زيد.
وكيفية بنائه على مثال المضارع أن ينظر إلى حركة عين الفعل المضارع فإن
¬__________
(¬1) هو الحسن بن هانيء كان شاعرا عالما، ولد بالأهواز ونشأ في البصرة ومات في بغداد 195 هـ انظر أخباره في الشعر والشعراء، 2/ 680 والفهرست، 228 ونزهة الألباء، 77. والبيت ورد في ديوانه، 243 وروي منسوبا له في شرح المفصل، 6/ 100 - 102، وشرح الشواهد، 3/ 48 وشرح التصريح على التوضيح، 2/ 102 وشرح الأشموني، 3/ 48 - 52 وحاشية الخضري، 2/ 47 وورد البيت من غير نسبة في المغني، 2/ 380. ويروى فقاقعها مكان فواقعها، والفواقع مفردها فقاعة، وهي: النفاخات التي تظهر على سطح الماء.
(¬2) شرح المفصل، 6/ 100.
(¬3) البيت لبشامة بن حزن النهشليّ، روي منسوبا له في شرح الحماسة، 1/ 102 وشرح المفصل، 6/ 101 ومن غير نسبة في شرح الكافية، 2/ 219 وشفاء العليل، للسلسيلي، 2/ 618 وحاشية الشيخ ياسين على شرح التصريح، 2/ 381.
(¬4) المفصل، 237 - 238.
(¬5) شرح المفصل، 6/ 107.

الصفحة 349