وللوقوف على الحكم الدقيقة من ورائها، تلك التي أرادتها العرب من طرائق أساليبها وهذه العلل - عموما - هي علل البصريين ومن أيدهم من النحويين المتأخرين، من ذلك تعليله لمنع ترخيم الاسم الثلاثي كزيد، قال: «لئلا يحصل الإجحاف بالحذف فيخرج عن أبنية الاسم» (¬1).
ومثله تعليله لبناء المنادى المفرد المعرفة - على ما يرفع به نحو: يا زيد، قال «وإنما بني لشبهه بالمضمر، لأنه لا ينفك في المعنى عن كونه مخاطبا معينا، وحكم المخاطب أن يكون مضمرا» (¬2).
ومن آرائه الدالة على نزعته البصرية ما يأتي:
1 - نصّه على أن الجزم بكيفما شاذ، وذلك بقوله: «والجزم بكيفما شاذ خلافا للكوفيين فإنهم يجزمون بكيف مع ما» (¬3).
2 - عدم تجويزه دخول ياء النداء على ما فيه أل، واعتبار ما ورد من ذلك شاذا لا يعتدّ به، قال «وأدخلوا حرف النداء على اللّام في اسم الله خاصة، نحو: يا ألله إما لكثرته وإمّا لأنّ اللّام ليست للتعريف وقد ورد في الشعر:
من أجلك يا التي تيّمت قلبي … ...
وهو شاذ لا يعتدّ به ولا بما يأتي من ذلك» (¬4) وقد ذهب الكوفيون إلى جواز نداء ما فيه الألف واللام نحو: يا الرجل ويا الغلام ومنعه البصريون (¬5).
3 - تضعيفه مذهب الكوفيين المجيزي العطف بلكن بعد الإيجاب في المفردات قال: «وأما لكن فإن وقع بعدها مفرد كانت للاستدراك، ولزم تقدّم النفي عليها نحو ما جاءني زيد لكن بكر وأجاز الكوفيون العطف بعد الإيجاب في المفردات وهو
¬__________
(¬1) الكناش، 1/ 169، وانظر الإنصاف 1/ 356.
(¬2) الكناش، 1/ 161 وانظر الإنصاف 1/ 323 - 324 وهمع الهوامع 1/ 127 وانظر مزيدا من العلل النحوية في 1/ 169 - 195 - 196 - 281 - 2/ 7 - 8 - 77.
(¬3) الكناش، 2/ 24 والكتاب، لسيبويه، 3/ 60 والإنصاف، 2/ 643.
(¬4) الكناش، 1/ 166.
(¬5) الإنصاف، 1/ 335 وشرح المفصل، لابن يعيش، 2/ 09.