كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 1)

(فَرْعٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) : الْأَصْحَابِ (كَرَاهَةُ اسْتِعْمَالِ مَاءِ بِئْرٍ بِمَقْبَرَةٍ حَتَّى فِي نَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) وَغَيْرِهِمَا.
(وَيَتَّجِهُ مِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ مَاءِ الْبِئْرِ الَّذِي فِي الْمَقْبَرَةِ (مَا سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ) ، إذْ لَا يُؤْمَنُ تَخَلُّلُ دُخَانِهَا الْمَاءَ، (أَوْ غَصْبٍ) لِلْأَمْرِ بِاتِّقَاءِ الشُّبُهَاتِ اسْتِبْرَاءً لِلْعِرْضِ وَالدِّينِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، (وَكَرِهَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ بَقْلَ مَقْبَرَةٍ) وَشَوْكَهَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ نَبْشُهَا وَإِلَّا فَنَجِسٌ.

(وَ) النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّهُورِ، وَهُوَ أَشْرَفُهَا: (مَا لَا يُكْرَهُ) اسْتِعْمَالُهُ (كَمَاءِ بَحْرٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ. (وَ) كَمَاءِ (حَمَّامٍ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ دَخَلُوا لَهُ، وَرَخَّصُوا فِيهِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ وُقُودُهَا نَجِسًا (وَ) كَمَاءٍ (قَطَرَ) مِنْ (بُخَارِهِ) أَيْ: الْحَمَّامِ (وَ) كَمَاءٍ (مُسَخَّنٍ بِشَمْسٍ) وَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ، وَقَدْ سَخَّنَتْ مَاءً فِي الشَّمْسِ: لَا تَفْعَلِي فَإِنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ» قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مَوْضُوعًا. وَكَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّهُ «سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا تَغْتَسِلُوا بِالْمَاءِ الَّذِي سُخِّنَ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهُ يُعْدِي مِنْ الْبَرَصِ» قَالَ ابْنُ الْمُنَجَّى: غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيَعْضُدُ ذَلِكَ إجْمَاعُ أَهْلِ الطِّبِّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَرَصِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ لَمَا اُخْتُلِفَ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَلَمَا اخْتَصَّ تَسْخِينُهُ بِالْأَوَانِي الْمُنْطَبِعَةِ دُونَ غَيْرِهَا (أَوْ) مُسَخَّنٍ بِوَقُودٍ (طَاهِرٍ) كَالْحَطَبِ فَلَا يُكْرَهُ نَصًّا لِعُمُومِ الرُّخْصَةِ، وَعَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يُسَخَّنُ لَهُ مَاءٌ فِي قُمْقُمٍ فَيَغْتَسِلُ بِهِ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. (وَ) مِنْهُ مَاءٌ (مُتَغَيِّرٌ بِمُكْثٍ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ بِمَاءٍ آجِنٍ»

الصفحة 33