كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 1)

الْمَاءُ مِنْهَا فِي الْأُخْرَى، وَالنَّجَاسَةُ فِي الْعُلْيَا: فَهُمَا فِي حُكْمِ الْمَاءَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَاءُ الْعُلْيَا كَثِيرًا وَلَا تَغَيُّرَ: فَمَحْكُومٌ بِطَهُورِيَّتِهِ وَطَهُورِيَّةِ مَا نَضَبَ مِنْهُ إلَى السُّفْلَى مَا لَمْ يَنْقُصْ، فَيَصِيرُ نَجِسًا بِنَجَسِ الَّذِي فِي السُّفْلَى إنْ كَانَ فِي حَدِّ الْقُلَّةِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا، وَلَا تَغَيُّرَ فَطَهُورٌ (كَمَائِعٍ) مِنْ نَحْوِ زَيْتٍ وَخَلٍّ وَلَبَنٍ وَمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ، (وَ) مَاءٍ (طَاهِرٍ) غَيْرِ مُطَهِّرٍ، كَمُسْتَعْمَلٍ فَيَنْجَسَانِ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ (وَلَوْ كَثُرَا) أَيْ الْمَائِعُ وَالطَّاهِرُ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ " (فِي الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ الْمَاءُ الطَّاهِرُ (وَ) خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَابْنِ الْقَيِّمِ (فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْمَائِعِ وَالطَّاهِرِ إذْ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَا كَثِيرَيْنِ لَا يَنْجَسَانِ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ، وَلَهُمَا فِي ذَلِكَ أَدِلَّةٌ قَوِيَّةٌ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُ ذَلِكَ، لِحَدِيثِ " الْفَأْرَةُ تَمُوتُ فِي السَّمْنِ " وَلِأَنَّهُمَا لَا يَدْفَعَانِ النَّجَاسَةَ عَنْ غَيْرِهِمَا، فَكَذَا عَنْ نَفْسِهِمَا. (وَلَا نَعْتَبِرُ) مَعْشَرَ الْحَنَابِلَةِ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ وَقِلَّتِهِ (الْجَرْيَةَ) وَهِيَ: مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ فَوْقَهَا وَتَحْتَهَا وَيَمْنَةً وَيَسْرَةً، سِوَى مَا وَرَاءَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا، وَسِوَى مَا أَمَامَهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ (بَلْ) نَعْتَبِرُ (الْمَجْمُوعَ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ
(وَلَا نُفَرِّقُ) مَعْشَرَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا (هُنَا) أَيْ: فِي بَابِ الْمِيَاهِ (بَيْنَ نَجَاسَةِ بَوْلِ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْحَيَوَانَاتِ، لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ، وَلِأَنَّ نَجَاسَةَ بَوْلِ الْآدَمِيِّ لَا تَزِيدُ عَلَى نَجَاسَةِ بَوْلِ الْكَلْبِ، وَهُوَ لَا يُنَجِّسُ الْقُلَّتَيْنِ، فَهَذَا أَوْلَى. (وَتَطْهِيرُ) مَاءٍ (قَلِيلٍ نَجِسٍ) بِإِضَافَةِ طَهُورٍ كَثِيرٍ إلَيْهِ (أَوْ) أَيْ: وَتَطْهِيرُ (كَثِيرٍ مُجْتَمِعٍ مِنْ مُتَنَجِّسٍ يَسِيرٍ بِإِضَافَةِ) مَاءٍ (طَهُورٍ كَثِيرٍ، وَلَوْ) كَانَتْ الْإِضَافَةُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَ (لَمْ يَتَّصِلْ صَبٌّ) فَلَا يَنْجَسُ الْمُضَافُ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَارِدٌ بِمَحَلِّ التَّطْهِيرِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ تَطْهِيرُهُ (مَعَ زَوَالِ تَغَيُّرِهِ إنْ كَانَ) مُتَغَيِّرًا؛ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّنْجِيسِ التَّغَيُّرُ، وَقَدْ زَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ تَغَيُّرٌ، كَمُتَنَجِّسٍ بِبَوْلٍ مَقْطُوعِ الرَّائِحَةِ، فَيَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ إضَافَةِ الْكَثِيرِ.

الصفحة 42