كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 1)

(وَمَنْ سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ، ثُمَّ لَقِيَهُ عَلَى قُرْبٍ؛ سُنَّ سَلَامٌ عَلَيْهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَأَكْثَرَ) ، لِعُمُومِ: «أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» (وَمَنْ دَخَلَ عَلَى جَمْعٍ فِيهِ عُلَمَاءُ سَلَّمَ عَلَى الْكُلِّ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى الْعُلَمَاءِ سَلَامًا ثَانِيًا) تَمْيِيزًا لِمَرْتَبَتِهِمْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِمْ عَالِمٌ وَاحِدٌ. (وَتُسَنُّ بُدَاءَةٌ بِسَلَامٍ قَبْلَ كُلِّ كَلَامٍ) لِلْخَبَرِ، وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى السَّلَامِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَمَعْنَاهُ: اسْمُ اللَّهِ عَلَيْكَ، أَيْ: أَنْتَ فِي حِفْظِهِ، كَمَا يُقَالُ: اللَّهُ يَصْحَبُكَ، اللَّهُ مَعَكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ، أَيْ: السَّلَامَةُ مُلَازِمَةٌ لَكَ (وَلَا يَتْرُكُهُ) - أَيْ: السَّلَامَ - (وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُسَلَّمَ عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ) السَّلَامَ كَالْجَبَابِرَةِ، لِعُمُومِ: «أَفْشُوا السَّلَامَ» (وَالْهَجْرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ) هَجْرُ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هُوَ (تَرْكُ كَلَامٍ مَعَ مَنْ لَقِيَ لَا عَدَمُهُ) ، أَيْ: لَا عَدَمُ اللُّقَى فَهَذَا (يَزُولُ بِالسَّلَامِ) لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّحَابُبِ، لِلْخَبَرِ، فَيَقْطَعُ الْهَجْرَ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا: «السَّلَامُ يَقْطَعُ الْهِجْرَانَ» .
(وَسُنَّ سَلَامٌ عِنْدَ انْصِرَافٍ) عَنْ الْقَوْمِ، (وَعِنْدَ دُخُولِ بَيْتِهِ عَلَى أَهْلِهِ) لِلْخَبَرِ، (فَإِنْ دَخَلَ بَيْتًا) خَالِيًا، (أَوْ) دَخَلَ (مَسْجِدًا خَالِيًا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) لِلْخَبَرِ، (وَلَا بَأْسَ بِهِ) . أَيْ: السَّلَامِ (عَلَى صِبْيَانٍ تَأْدِيبًا لَهُمْ) هَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ. (وَلَا يَلْزَمُهُمْ رَدٌّ) لِحَدِيثِ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى صَبِيٍّ وَبَالِغٍ؛ رَدَّ الْبَالِغُ، وَلَمْ يَكْفِ رَدُّ الصَّبِيِّ، لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَحْصُلُ بِهِ. (وَيَلْزَمُ) مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ الصِّبْيَانُ (رَدُّ) السَّلَامِ (عَلَيْهِمْ) ، لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، (كَشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ سَلَّمَتْ) عَلَى رَجُلٍ فَيَجِبُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ ". وَإِنْ سَلَّمَ الرَّجُلُ غَيْرُ الْمَحْرَمِ عَلَيْهَا؛ لَمْ يَلْزَمْهَا الرَّدُّ

الصفحة 940