كتاب منار السبيل في شرح الدليل (اسم الجزء: 1)

[ومن أسلم منهم بعد الحول سقطت عنه الجزية] نص عليه، لحديث ابن عباس مرفوعاً: "ليس على المسلم جزية" رواه أحمد وأبو داود. وقال أحمد: قد روي عن عمر أنه قال: إن أخذها في كفه ثم أسلم ردها وروى أبوعبيد: أن يهودياً أسلم، فطولب بالجزية وقيل: إنما أسلمت تعوذاً. قال إن في الإسلام معاذاً فرفع إلى عمر، فقال عمر: إن في الإسلام معاذاً، وكتب أن لا تؤخذ منه الجزية وفي قدر الجزية ثلاث روايات:
إحداهن يرجع إلى ما فرضه عمر على الموسر: ثمانية وأربعون درهماً، وعلى المتوسط: أربعة وعشرون، وعلى الفقير المعتمل: اثنا عشر. فرضها عمر كذلك بمحضر من الصحابة، وتابعه سائر الخلفاء بعده، فصار إجماعاً وقال ابن أبي نجيح: قلت لمجاهد ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير، وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من قبل اليسار رواه البخاري. والثانية يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان. والثالثة: تجوز الزيادة لا النقصان لأن عمر زاد على ما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينقص ويجوز أن يشرط عليهم مع الجزية ضيافة من يمر بهم من المسلمين، لما روى الأحنف بن قيس أن عمر شرط على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة، وأن يصلحوا القناطر وإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته رواه أحمد. وروى أسلم أن أهل الجزية من أهل الشام أتوا عمر، رضى الله عنه، فقالوا: إن المسلمين إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج في ضيافتهم. فقال: أطعموهم مما تأكلون، ولا تزيدوهم على ذلك.

الصفحة 300