كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 1)

رواه الإمام أحمد (¬1)، وأبو داود (¬2)، وليس عند أحمد ذكر الصلاة.
والعَقِبُ: مؤخر القدم، وهي مؤنثة، وبكسر القاف، وتسكن، وخص العقب بالعذاب لأنها التي لم تغسل، وقيل: أراد صاحب العقب، فحذف المضاف وإنما قال ذلك لأنهم كانوا لا يستقصون غسل أرجلهم في الوضوء.
قال أبو عمر (¬3): في هذا الحديث من الفقه:
* إيجاب غسل الرجلين؛ وفي ذلك تفسيرٌ لقول الله عزَّ وجلَّ: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، وبيان أنه أراد الغسل لا المسح، وإن كانت قد قرئت {وَأَرْجُلَكُمْ} بالجر؛ فذلك معطوف على اللفظ دون المعنى، والمعنى فيه الغسل على التقديم والتأخير، فكأنه قال عزَّ وجلَّ: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم؛ والقراءتان بالجر والنصب صحيحتان مستفيضتان، والمسح مخالف للغسل، وغير جائز إبطال إحدى القراءتين بالأخرى، ما وجد إلى الجمع بينهما سبيل. والخفض بالجوار معروف، قال امرؤ القيس:
كان أبانا في أفانين ودقة ... كبير أناس في بِجاد مزمّلِ
فخفض بالجوار، وإنما المزمل: كبير أناس، وإعرابه الرفع، ومنه: هذا جحر ضب خربٍ، بالجر وإنما هو مرفوع، ومن هذا قراءة أبي عمرو: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} بالجر، لأن النحاس: الدخان، فعلى ما ذكرنا تكون القراءة بالجر والنصب، ويكون الخفض بالجوار، والمعنى: الغسل وقد يراد بلفظ المسح: الغسل عند
¬__________
(¬1) أطراف مسند الإمام أحمد لابن حجر (8/ 266) رقم 11017 ولم أهتد إليه في المسند.
(¬2) في سننه كتاب الطهارة رقم 175 باب تفريق الوضوء.
(¬3) التمهيد (24/ 254).

الصفحة 385