كتاب ضوء الشموع شرح المجموع (اسم الجزء: 1)

من هو أكبر سنًا من الإمام أبي حنيفة وأقدم وفاة كالزهري وربيعة وهما من شيوخ مالك وأخذا عنه فألوى قرينه، ومن شيوخ مالك من غير التابعين: نافع بن أبي نعيم القاري قرأ عليه مالك القرآن، وروى هو عن مالك وهو غير نافع التابعي مولى ابن عمر، كان مالك جميلًا مهابًا عظيم اللحية، له سبالان يحتج بفتل عمر شاربه إذا همه أمر، انقطع آخر عمره حتى كان أصحاب الجنائز يأتونه في داره فيعزيهم فاحتمل له ذلك؛ لأنه مجتهد، واشتدت له الرغبة والتعظيم. ضربه جعفر بن سليمان في ولايته الأولى في شأن أن المكره لا يلزمه يمين ولا بيعة، واختلف في مقدار ضربه من ثلاثين إلى مائة ومدت يداه حتى انخلعت كتفه في خلافة أبي جعفر لا الرشيد. ولما حج المنصور أقاده من جعفر، وأرسله إليه ليقتص منه فقال: أعوذ بالله، والله ما ارتفع منها سوط عن جسمي إلا وقد جعلته في حل لقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال الدراوردي: سمعته يقول حين ضرب: أللهم اغفر لهم فإنهم لا يعلمون. في (ح): سأل رجل مالكًا عن شيء من علم الباطن فغضب وقال: إن علم الباطن لا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإنه مات قبل مالك بخمس وخمسين سنة (قوله: يحتج)؛ أي: على بقائهما وعدم إحفائهما كما هو مذهب الشافعي (قوله: فاحتمل له ذلك)؛ أي: لم نعترض عليه، وكان ربما قيل له في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر على أن يفشى عذره، وقيل: إنه حصل له سلس أو فتق، فكان يخرج منه الريح فكره أن تؤذى المسجد (قوله: حتى انخلعت كتفه) فكان لا يحسن السجود بعد ذلك (قوله: فغضب) ليس غضبه إنكار العلم الباطن بل؛ لأنه لا ينبغي إفشاءه لكل أحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذهبٌ لأقام عليه دليلًا. وهو مبالغة في معرفته، وشيخنا في الشرح المذكور ساير ظاهر العبارة، فقال: كأن يقال: من ادعى أن هذه السارية ذهب مدع أنهها جسم وكل مدع أنها جسم صادق. قلت: والتخلص أن الصدق في الجسمية فقط (قوله: سبالان) بسكر السين وفي القاموس: ذو السبال؛ ككتاب. (قوله: فاحتمل له ذلك)؛ أي انقطاعه حتى عن الجمعة والجماعة (قوله: فغضب) كأنه لم ير السائل أهلًا للبحث عن ذلك، أو رأى أنه لا يتلقى باللسان كما يفيده كلامه بعد ذلك (قوله:

الصفحة 37