كتاب ضوء الشموع شرح المجموع (اسم الجزء: 1)

عضو بانفراده أولًا غير ظاهر فإنا إذا قلنا: لا يرتفع إلا بالأخير لا يكره ماء غيره ولو جمع هو خلاف ما في (عب) وغيره على أن هذا الخلاف لا تصح حقيقته، إذ القائل بالرفع عن كل عضو بانفراده يقول إنما تتم الطهارة بالجميع وهو الذي يعنيه الثاني (أو مخلوط) عطف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: تخريجهم الكراهة على هذا الخلاف، وأننا إن قلنا: يطهر كل عضو بانفراده يكره وإن لم تتم، وإن قلنا: لا يطهر إلا بالأخير لم يكره غير الأخير حتى تتم. (قوله: لا يكره ماء غيره)؛ لأنه لم يرتفع به حدث. (قوله: وهو خلاف ما في (عب)) فإنه صراح بكراهة ماء غير الأخير إذا استعمله بعد تمام الطهارة، وهي تفرقة لا وجه لها فإنه على كل حال لم يرتفع به حدث. (قوله: يقول إنما تتم إلخ)؛ أي: فبعد التمام كشف الغيب أن الحدث قد ارتفع عن كل عضو بغسله، ولو كان المراد حقيقته ما صح القول بفورية الوضوء ولجاز له مس المصحف قبل كمال طهارته بالعضو الذي غسله؛ لأنه قد ارتفع عنه الوصف. قال ابن العربي: وقد أجمعت الأمة على منع من غسل وجهه ويديه من مس المصحف قبل تمام وضوئه، فقد بطل هذا اللازم فبطل ملزومه (قوله: وهو الذي يعنيه الثاني)؛ أي: أن القول بأنه لا يرتفع عن كل عضو بانفراده معناه أنه يتوقف على تمام الجميع لا أنه لا يرتفع إلا بالأخير وإلا لزم أن من بال بعد أن غسل رجله اليمنى وقبل غسل اليسرى أنه يغسل اليسرى فقط ولا يعيد الوضوء من أوله وذلك أنه لم تحصل الطهارة. (ح) فلا معنى لنقضها، وهذا شيء لا يقال به ولا بد من إعادة الوضوء من أوله، وأيضًا لو قطعت رجلاه بعد مسح رأسه مثلًا كان وضوءه تامًا وكان الماء مستعملًا، وكذا إذا عدم الماء؛ تأمل. (قوله: أو مخلوط إلخ) هذا رواية المدنيين عن مالك، وهي المذهب، وذهب إلى هذا القاسم بن محمد، وسالم، وسعيد بن المسيب، وخلق كثير من التابعين، وقال الشافعي بنجاسة كل ما لم يبلغ القلتين لنا قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورًا} وقوله: {وينزل من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعد تكلف التأثير بأنه بالتمام يتبين أنه قد استعمل في حدث وبعدمه عدمه (قوله: وهو الذي يعنيه الثاني) أي: القائل لا يرتفع إلا بالأخير أي: لا يتم ولم يرد نفي أصل الرفع بالمرة، كيف وإن حصل ناقض يقال: بطل ما فعل فيقتضي أصل الصحة، وإن

الصفحة 75