كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 1)

قال الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى) (¬1) فدلت الآية على أَن الله تعالى أنكر على المشركين ما كانوا يفعلونه عند هذه الأَوثان، وذلك أنهم كانوا يعتقدون حصول البركة بتعظيمها ودعائها والاستعانة بها والاعتماد عليها في حصول ما يرجونه منها ويؤملونه ببركتها وشفاعتها وغير ذلك.
واما إذا كانوا يفعلونه مجردًا عن هذا القصد فهو حرام لأنه وسيلة إلى الشرك، وقد سبق دليله وهو حديث أَبي واقد الليثي.
واما بناءُ الحجرتين على القبرين فلا يجوز، لأَنه وسيلة إلى عبادة صاحب القبر، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فروى مسلم في صحيحه بسنده عن جابر رضي الله عنه قال: ((نَهَى رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم أَن يُجَصَّص الْقبرُ وأَن يقعد عليه وأَن يبنى عليه)) .
وأَما الذبح الذي يوجد أَثره في داخل الحجرتين فلا يخلو من أَمرين: أَحدهما أَن يكون لله. والثاني: أَن يكون لصاحب القبر. فإن كان لله فهو معصية ولا يجوز، لأنه وسيلة إلى الذبح لصاحب القبر والوسائل لها حكم الغايات في المنع، وقد نهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فروى أَبو داود في سننه باسناده على شرط الشيخين عن ثابت بن الضحاك قال: ((نذر رجل أَن ينحر ابلاً ببوانة فسأَل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((هَلْ كانَ فيها وثنٌ من أَوثانِ الْجاهليةِ يُعبدُ، قالوا لا. قال فهلْ كان فيها عيدٌ من أَعيادِهم؟ قالوا لا. قال فأَوفِ بنذركَ، فانه لا وفاءَ لنذرٍ في معصيةِ
¬_________
(¬1) سورة النجم 19، 20.

الصفحة 131