كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 1)

كان محتملاً فلا يتعين حمله على المعنى المشكل، بل ينبغي أَن يحمل على ما يوافق الأَحاديث الظاهرة في المنع التي لا تحتمل التأويل. على أَنه لو سلم بقاء حديث إلا رقمًا في ثوب على ظاهره لما أَفاد الا جواز ذلك في الثوب فقط، وجوازه في الثوب لا يقتضي جوازه في كل شيء، لأَن ما في الثوب من الصور إما ممتهن واما عرضة للإمتهان، ولهذا ذهب بعض أَهل العلم إلى أَنه لا بأس بفرش الفرش التي فيها التصاوير استدلالاً يما في حديث السنن الذي أَسلفنا، وهو قوله صلى الله عليه وسلم ((ومُرْ بالسِّتْر فَلْيُجْعَلْ منهُ وِسادتان مَنْبُوذَتانِ تُوْطَآن)) اذ وطئها وامتهانها مناف ومناقض لمقصود المصورين في أَصل الوضع وهو تعظيم المصور والغلو فيه المفضي إلى الشرك بالمصور، ولهذه العلة والعلة الأخرى وهي المضاهاة بخلق الله جاءَ الوعيد الشديد والتهديد الأَكيد في حق المصورين.
واما جعل الآية الكريمة وهي قوله تعالى: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) معارضة لما دلت عليه النصوص النبوية بعمومها تارة وبظاهرها أخرى فهذا من أَفحش الغلط، ومن أَبين تحريف الكلم عن مواضعه، فان التصوير الشمسي وإن لم يكن مثل المجسد من كل وجه فهو مثله في علة المنع وهي ابراز الصورة في الخارج بالنسبة إلى المنظر، ولهذا يوجد في كثير من المصورات الشمسية ما هو أبدع في حكاية المصور حيث يقال هذه صورة فلان طبق الأَصل. والحاق الشيء بالشيء لا يشترط المساواة من كل الوجوه كما هو معلوم. هذا لو لم تكن الأَحاديث ظاهرة

الصفحة 186