كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 1)

معنى ذلك معنى القرآن بل معاني هذا ليست معاني هذا، وكذلك معنى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) ليس هو معنى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) ولا معنى ((آية الكرسي)) معنى ((آية الدَّين)) . وقالوا: إذا جوزتم أَن تكون الحقائق المتنوعة شيئًا واحدًا فجوزوا أَن يكون العلم والقدرة والكلام والسمع والبصر صفة واحدة، فاعترف أَئمة هذا القول بان هذا الالزام ليس لهم عنه جواب عقلي. ثم منهم من قال: الناس في الصفات إما مثبت لها قائل بالتعدد، وإما ناف لها، وأَما اثباتها واتحادها فخلاف الاجماع، وهذه طريقة القاضي أَبي بكر وابي المعالى وغيرهما ومنهم من اعترف بأنه ليس له عنه جواب كأبي الحسن الآمدي وغيره.
والمقصود هنا أَن هذه الآية تبين بطلان هذا القول، كما تبين بطلان غيره، فان قوله: (نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ) يقتضي نزول القرآن من ربه والقرآن اسم للقرآن العربي لفظه ومعناه، بدليل قوله: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) وانما يقرأُ القرآن العربي لا يقرأُ معانيه المجردة. وأَيضًا فضمير المفعول في قوله (نَزَّلَه) عائد إلى (مَا) في قوله (وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ) فالذي انزله الله هو الذي نزل به روح القدس. فإذا كان روح القدس نزل بالقرآن العربي لزم أَن يكون نزله من الله فلا يكون شيء منه نزله من غيره من الأَعيان المخلوقة ولا نزله من نفسه. وأيضًا فانه قال عقب هذه الآية: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ) الآية وهم كانوا يقولون انما يعلمه هذا القرآن العربي بشر، لم يكونوا يقولون انما يعلمه بشر معانيه فقط بدليل قوله: (لِّسَانُ

الصفحة 222