كتاب فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (اسم الجزء: 1)

شيء منفصل عنه، فعندهم لما جاءَ موسى لميقات ربه سمع النداءَ القديم لا أَنه حينئذ نودي، ولهذا يقولون: انه يُسْمِعُ كلامَه لخلقه بدل قول الناس يُكَلِّمُ خلقه. وهؤلاء يردون على الخليقة الذين يقولون أن القرآن مخلوق، ويقولون عن أَنفسهم أَنهمخ أَهل السنة الموافقون للسلف الذين يقولون القرآن كلام الله غير مخلوق، وليس قولهم قول السلف، لكن قولهم أَقرب إلى السلف من وجه. أَما كون قولهم أَقرب فلأَنهم يقولون أَن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وهذا قول السلف. وهؤلاء عندهم لا يقدر الله على شيء من كلامه فليس كلامه بمشيئته واختياره بل كلامه عندهم كحياته، وهم يقولون: الكلام عندنا صفة ذات لا صفة فعل. والخلقية يقولون: صفة فعل، لا صفة ذات. ومذهب السلف أَنه صفة فعل وصفة ذات معًا. فكل منهم موافق للسلف من وجه دون وجه.
ونظير هذا اختلافهم في افعاله تعالى ومسائل القدر، فإن المعتزلة يقولون أنه يفعل لحكمة مقصودة وارادة الاحسان إلى العباد، لكن لا يثبتون لفعله حكمة تعود إليه، وأُولئك يقولون لا يفعل لحكمة ولا لمقصود أَصلا. فاؤلئك اثبتوا حكمة لكن لا تقوم به، وهؤلاء لا يثبتون له قصدا يتصف به ولا حكمة تعود إليه.
وكذلك في الكلام: أُولئك أَثبتوا كلامًا هو فعله لا يقوم به، وهؤلاءِ يقولون ما لا يقوم به لا يعود حكمه إليه. والفريقان يمنعون أَن تقوم به حكمة مرادة له، كما يمنع الفريقان أَن يقوم به كلام وفعل يريده. وقول أولئك أَقرب إلى قول السلف والفقهاء اذ اثبتوا الحكمة والمصلحة في افعاله وأَحكامه، واثبتوا

الصفحة 230