كتاب خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي (اسم الجزء: 1)
ولم أزل غازل عيون هذه المعاني إلى المخلص فقلت:
حبكم فرضنا وسيف جفاكم ... قد غدا في بعادنا مسنونا
والحشا لم يخن عهود وفاكم ... فاسألوا من غدا عليها أمينا
ومما يشعر بالتهنئة والنصر على الأعداء، براعة العلامة لسان الدين بن الخطيب وهي:
الحق يعلو والأباطل تسفل ... والحقل عن أحكامه لا يسأل
فإنه قال: نظمت للسلطان أسعده الله، وأنا بمدينة سلا، لما انفصل طالبا حقه بالأندلس، قصيدة كان صنع الله مطابقًا لاستهلالها، ووجهت بها إلى رندة قبل الفتح، ثم لما قدمت أنشدتها بين يديه بعد الفتح وفاء بنذري، وسميتها الفتح الغريب في الفتح القريب، منها:
فإذا استحالت حالة وتبدلت ... فالله عز وجل لا يتبدل
واليسر بعد العسر موعود به ... والصبر بالفرج القريب موكل
والمستعد بما يؤمل ظافر ... وكفاك شاهد قيدوا وتوكلوا1
ومنها:
محمد والحمد منك سجية ... بحليّها بين الورى يتجمل2
أما سعودك فهو دون منازع ... عقد بأحكام القضاء يسجل3
ولك السجايا الغر والشيم التي ... بغريبها يتمثل المتمثل4
ولك الوقار إذا نزلت على الربا ... وهفت من الروع الهضاب المثل
ومنها:
عوذ كمالك ما استطعت فإنه ... قد تنقص الأشياء مما تكمل5
تاب الزمان إليك مما قد جنى ... والله يأمر بالمتاب ويقبل
إن كان ماض من زمانك قد مضى ... بإساءة قد سرك المستقبل
هذا بذاك فشفع الثاني الذي ... أضراك فيما قد جناه الأول
والله قد ولاك أمر عباده ... لما ارتضاك ولاية لا تعزل
__________
1 يؤمل: ينتظر حصول الأمر - ظاهر: من ظفر بالشيء إذا ناله. شاهد قيدوا وتوكلوا: يقصد النبي محمد -صلى الله تعالى عليه وسلم- لقوله: "اعقل وتوكل".
2 سجية: عادة.
3 السعد: الحظ. مفردها سعد.
4 الشيم: مفردها شيمة، وهي الخصلة الحميدة.
5 عوّذ: حماه بالتعاويذ وهي الطلاسم أو بالمعوذتين من القرآن الكريم.
الصفحة 33
480