كتاب شرح التلويح على التوضيح (اسم الجزء: 1)

بِأَنْتِ طَالِقٌ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ وَيَقَعُ فِي عِلْمِ اللَّهِ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومُ) اعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ مُتَعَارَفٌ لَا التَّعْلِيقَ بِالْعِلْمِ فَلَا يُقَالُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ عَلِمَ اللَّهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَعَلِّقَةٌ بِبَعْضِ الْمُمْكِنَاتِ دُونَ الْبَعْضِ فَأَمَّا عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ وَالْمُمْتَنِعَاتِ فَقَوْلُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ لَا يُرَادُ بِهِ التَّعْلِيقُ فَالْمُرَادُ أَنَّ هَذَا ثَابِتٌ فِي مَعْلُومِ اللَّهِ

(أَسْمَاءُ الظُّرُوفِ مَعَ لِلْمُقَارَنَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُجْعَلَ شَرْطًا فَيَكُونُ تَعْلِيقًا إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ بِحَذْفِ الْمُضَافِ أَوْ اسْتِعْمَالِ الْمَحَلِّ فِي الْحَالِ فَيَكُونَ تَعْلِيقًا بِمَنْزِلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ أَيْ وَقْتَ دُخُولِهَا عَلَى وَضْعِ الْمَصْدَرِ مَوْضِعَ الزَّمَانِ فَإِنَّهُ شَائِعٌ أَوْ عَلَى اسْتِعَارَةِ فِي لِلْمُقَارَنَةِ لِمَا بَيْنَ الظَّرْفِ وَالْمَظْرُوفِ مِنْ الْمُقَارَنَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَيَصِيرُ بِمَعْنَى الشَّرْطِ ضَرُورَةَ أَنَّ مُقَارَنَةَ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ فَيَلْزَمُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِوُجُوبِ الدُّخُولِ لِيَتَقَارَنَا، قِيلَ وَفِي قَوْلِهِ بِمَعْنَى الشَّرْطِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَرْطًا مَحْضًا حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ بَلْ يَقَعُ مَعَهُ، وَيَظْهَرُ الْأَثَرُ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلْأَجْنَبِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي نِكَاحِك فَتَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ مَعَ نِكَاحِك بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك.
(قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهَا عِنْدَ الِاسْتِعَارَةِ لِلْمُقَارَنَةِ بِمَعْنَى الشَّرْطِ فَإِنْ كَانَ الْمَجْرُورُ بِهَا مِمَّا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِهِ صَارَ مُعَلَّقًا كَالْمَشِيئَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَعْضِ الْمُمْكِنَاتِ دُونَ الْبَعْضِ فَيَكُونُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعْلِيقًا بِمَنْزِلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَإِلَّا فَلَا كَالْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْجَمِيعِ فَلَا يَكُونُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعْلِيقًا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ عَلِمَ اللَّهُ بَلْ يَقَعُ فِي الْحَالِ، وَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَعْلُومِ اللَّهِ أَيْ هَذَا الْمَعْنَى ثَابِتٌ فِي جُمْلَةِ مَعْلُومَاتِهِ إذْ لَوْ لَمْ يَقَعْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَعْلُومِ اللَّهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ الْعِلْمِ بِمَعْنَى الْمَعْلُومِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ ثَابِتٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى أَنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ الْقُدْرَةُ أَيْضًا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ أُجِيبَ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى تَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَصِيرَ مِنْ قَبِيلِ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَقْدُورِ مِثْلَ قَوْلِك عِنْدَ اسْتِعْظَامِ الْأَمْرِ شَاهِدْ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى أُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ أَثَرَ قُدْرَتِهِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الْعِلْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُؤَثِّرَةِ بِخِلَافِ الْقُدْرَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا تَرْجِيحَ لِحَذْفِ الْمُضَافِ عَلَى كَوْنِ الْمَصْدَرِ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، وَلَوْ سَلِمَ فَقَوْلُنَا هُوَ مِنْ آثَارِ الْقُدْرَةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِنَا هُوَ فِي الْمَقْدُورَاتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ التَّقْيِيدِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى تَعْلِيقًا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ إبْطَالُ الْكَلَامِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِعْدَامٍ لِحُكْمِهِ إذْ لَا طَرِيقَ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهَا، وَرُوِيَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ، وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا عَلَى تَقْدِيرِ التَّعْلِيقِ لَا عَلَى تَقْدِيرِ

الصفحة 226