كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

نظيف كأنه قطع الزند وخل ثقيف مري حريف، قال أبو هلال ما سمعت في وصف السمك أحسن من هذا ولا أتم. وقريب منه ما أخبرنا به أبو خليفة عن ابن سلام عن محمد بن القاسم قال قال الأعمش لجليس له أما تشتهي بناني زرق العيون بيض البطون سود الظهور وأرغفة باردة لينة وخلاً حاذق؟ قال بلى قال فانهض بنا قال الرجل فنهضت معه فدخل منزله وقال خذ تلك السلة فكشفها فإذا فيها رغيفان يابسان وسكرجة كامخ وشبت قال فجعل يأكل وقال لي تعالى كل فقلت فأين السمك فقال ما عندي سمك وإنما قلت أتشتيهه وأنا ولله أشتهيه. أخبرنا أبو أحمد عن الجلودي عن المغيرة بن محمد عن أبي عثمان المازني عن الأصمعي قال قال أبو صوارة وكان بمكة مثل الأشعب بالمدينة في شهوة الأكل: يا أبا سعيد الأرز الأبيض باللبن الحليب بالسكر السليماني بالسمن السلى ليس من طعام أهل الدنيا. ومن أحسن ما قيل في الرقاق قول ابن الرومي:
(ما أنسَ لا أنسَ خبازاً مررتُ بهِ ... يدحو الرقاقةَ وشك للمح البصر)
(ما بينَ رؤيتها في كفهِ كرَةً ... وبينَ رؤيتها قوراء كالقمرِ)
وقلت:
(وخبز بأيدي الخابزين كأنهُ ... تراس تعاطيها الجنود جنود)
(وأطعمة حلتْ بساحتها المنى ... إذا جاءَ من أرداحهنَ يريد)
(وضمتْ إلى الحلواء فيهِ فواكهٌ ... عليهنَ أهواءُ النفوسِ وفودُ)
وقال الصنوبري في رقاق ورؤوس:
(غير ما راج من رقاقٍ رقيق ... فوقَ هام على عدادِ الهامِ)
(ذاك كالماءِ ذي الحباب ... وهاتيك عليهِ كطير ماءٍ نيام)
(بالأقيالهنَ وما يبدينَ ... من مضرم شديدِ الضرام)
(كأناس يوشحونَ مناديل ... إذا خرجواً من الحمامِ)
ورصف هذه الأبيات غير مختار عندي ولكني أوردتها لجودة معانيها

الصفحة 292