كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

وإصابة التشبيهات فيها، وقوله (غير ما راج) فإن الرواج لفظ عامي لا يستعمله الفصحاء. وقال ابن الرومي:
(هامٌ وأرغفةٌ وضاءٌ فخمةٌ ... قد أخرجتْ من جاحم فوارِ)
(كوجوهِ أهل الجنة ابتسمت لنا ... مقرونةً بوجوهِ أهلِ النارِ)
وقال غيره في جوذابة:
(وقادمٍ من جاحمٍ فوارِ ... مخللِ الشقشقِ والأنوارِ)
(ملبساً حُلةَ جلنارِ ... يقشر جلداً منه كالنضارِ)
(عن بدنٍ أبيض كالخمار ... )
ومن النادر البديع في هذا المعنى ما أخبرنا به أبو أحمد عن الجلودي عن محمد بن زكريا عن عبد الله بن الضحاك عن هشام بن محمد قال كان عوانة يكثر أكل الرؤوس فقيل له إنها متخمة فقال إنها فاكهة اللحم. وأخبرنا عن محمد بن زكريا عن الأصمعي قال قيل لأعرابي كيف تأكل الرؤوس قال أفك لحييه وأبخص عينيه وأفعص أذنيه وا خديه وأرمي بالدماغ إلى من هو أحوج مني إليه فقيل له إنك لأحمق من ربع قال وما حمق ربع إنه ليجتنب العدوى ويتبع المرعى ويراوح بين الأطباء فما حمقه يا هؤلاء وقيل لأحدهم ما أحب الفاكهة إليك قال أما الرطب فاللحم وأما اليابس فالقديد. وقلت في صفة لحم:
(تركتُ سمينَ اللحمَ يبيضُ بعضه ... ويحمرُ بعض خلطك الدرَ بالتبرِ)
(وأعرضتُ عن حلواء شق فنونها ... فبيضٌ إلى حمرٍ وحمرٌ إلى صفر)
(إلى ندرةٍ رقطاءَ قطع فوقها ... مقفعةٌ خضراءُ في ورق خضرِ)
وحاجة الإنسان إلى الطعام إنما هي من أجل ما يأخذ الهواء من جسده فيحدث فيه خلل فإذا اكل اللحم فقد رم الجسد بما هو من جنسه فكأنه رقع الديباج بالديباج فإذا أكل غير اللحم فكأنه رقع الديباج بالكرياس، وفي الحديث (مَنْ

الصفحة 293