كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

(قلنا على علمنا والشكُ يغلبنا ... أراحنا درانا أم درانا الراح)
ومثله قول البحتري:
(فأضات تحتَ الدُجنة للشربِ ... وكادت تضئ للمصباح) ِ ... وأحسن ما وصفت به كأس على فم قول ابن المعتز:
(ظبيٌ خليٌ من الأحزانِ أو دعني ... ما يعلمُ اللهُ من حزنٍ ومن قلقٍ)
(كأنهُ وكأنَ الكأسَ في فمه ... هلالُ أولِ شهر غاب في الشفق)
وقول الآخر
(كأنما الكأسُ على ثغرها ... موصولةً بالأنملٍ الخمسِ)
(ياقوتةٌ صفراءُ قد صيرتْ ... واسطةً للبدرِ والشمسِ)
(قد ذهبتْ نفسي على نفسها ... وآفةُ النفس من النفسِ)
وقلت:
(فيسقيني ويشربُ من عقيق ... خليق أن يَشبّهَ بالخلوقِ)
(كأنَ الكأسَ من يدهِ وفيه ... عقيقٌ في عقيقٍ في عقيقٍ)
الكأس الحمراء مثل العقيق واليد المخضوبة كالعقيق والشفة مثل العقيق في لونها. وقلت:
(ودارَ الكأس في يدِ ذي دلال ... رشيق القدِّ يعرفُ بالرّشيقِ)
(يحلي بالتبسم درَ ثغر ... تخلله شوابيرُ العقيقِ)
(رأيتُ الكأسَ في يده وفيه ... وجنحُ الليل منصرف الفريقِ)
(ففي فمه هلالٌ في غروبِ ... وفي يدهِ الثريا في شروقِ)
وأحسن ما قيل في الشروق وأتمه قول ابن الرومي وأتى بشئ لم يسبق إليه وهو تشبيه الحباب بفلق اللؤلؤ وهو على الحقيقة تشبيهه والناس قبله إنما شبهوه باللؤلؤ الصحيح، وهو قوله:
(لها صريحٌ كأنهُ ذهبُ ... ورغوةٌ كاللالئ الفِلقِ)
فشرحت ذلك وقلت:
(وكأس تمتطي أطرافَ كفٍ ... كأنَ بنانها من أرجوانِ)

الصفحة 307