كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

أبلغ ما قيل في الكبر الذي يعتري المنتشي قول الأخطل يخاطب عبد الملك:
(إذا ما نديمي علني ثمَ علّني ... ثلاث زجاجاتٍ لهنَ هديرُ)
( ... خَرَجتُ أجرُ الذيلَ حتى كأنني ... عليك أميرَ المؤمنينَ أميرُ)
وإنما صار ذلك أحسن من غيره لأنه خاطب به ملك الدنيا وقال أنا أمير عليك في ملك الحال. والأصل فيه قول حسان:
(ونشربها فتتركنا ملوكا ... وأسداً ما ينهنهنا اللقاءُ)
هذا الشعر للمخبل اليشكري:
(وإذا سكرتُ فإنني ... ربُ الخورنقِِ والسريرِ)
(وإذا صحوتُ فإنني ... ربُ الشويهةِ والبعيرِ)
وأجاد ابن الرومي القول في تفسيح أمل السكران حتى يأمل ما لايجوز وجدوهُ وهو قوله:
(ومدامةٍ كحشاشةِ النفسِ ... لطفتْ عن الإدراك والحسَ)
(لنسيمها في قلبِ شاربِها ... روحُ الرجاءِ وراحةُ النفسِ)
(وتمدُ في أمل ابن نشوتها ... حتى يؤمل مرجع الأمسِ)
وأجود ما قيل في صفة السكران قول عبد الله بن عبد الله بن عتبة:
(وشربك من ماءِ الكرومِ كأنهُ ... إذا مجَ صرفا في الإناء خضابُ)
(صريعُ مدامٍ والندامى يلونهُ ... وفي الشدقِ قيءٌ سائل ولعاب)
وقريب منه قول الآخر في حماد الرواية:
(نِعم الفتى لو كانَ يعرفُ ربهُ ... ويقيمُ وقتَ صلاتهِ حمادُ)
(هدلتْ مشافرُه المدامَ وأنفهُ ... مثل القدُوم يسنها الحدادُ)
(وابيضَّ من شربِ المدامةِ وجههُ ... فبياضهُ يومَ الحسابِ سوادُ)
وأبدع ما قيل في صفة أنف السكران إذا تورم من السكر قول الآخر:
(وشربتَ بعد أبي ظهير وابنه ... سكر الدَنان كأنَ أنفك دمَل)

الصفحة 314