كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

(كأنهُ والكأسُ في كفهِ ... بدرٌ إلى جانبهِ كوكبُ)
وقلت:
(وطالعني الغلامُ بها سحيراً ... فزادَ على الكواكبِ كوكبانِ)
ومما يدخل في مختار هذا المعنى قول ابن الرومي
(ومهفهف تمت محاسنه)
وقد مر. ولم أسمع في هذا المعنى أجود من قول الآخر:
(فكأنهُ وكأنها وكأنهم ... قمرٌ يدورُ على النجومِ بأشمسِ)
ومثله في الجمع قول الآخر:
(فالكفُ عاجٌ والحبابُ لآليءٌ ... والراحُ نيرٌ تبرء والزجاجُ زبرجدُ)
وأجود ما قيل في قيام السقاة بين الندامى قول ابن المعتز:
(بينَ أقداحِهمْ حديثٌ قصير ... هو سحرٌ وما سواهُ الكلام)
(وكأنَ السقاةَ بينَ الندامى ... ألفاتٌ بينَ السطورِ قيامُ)
فشبه اصطفاف الشرب جلوساً بالسطر والسقاة بينهم بالألفات فأحسن. ومن البارع الداخل في هذا الباب قول عنترة:
(وإذا سكرتُ فإنني مستهلكٌ ... مالي وعرضي وافرٌ لم يكلمِ)
(إذا صحوتُ فما أقصِّر عن ندىً ... وكما علمتِ شمائلي وتكرُّمي)
أخذه البحتري فزاد عليه في قوله:
(ومازلت خلاً للندامى إذا انتشوا ... وراحوا بدوراً يستحثونَ أنجما)
(تكرمت من قبلِ الكؤس عليهم ... فما اسطعنَ أن يحدثن فيك تكرُّما)
والزيادة أن عنترة ذكر أنه يستهلك ماله إذا سكر، والبحتري ذكر أنه تكرم قبل الكؤوس فيبالغ حتى لا تستطيع الكؤوس أن تزيده تكرماً. ومن أطرف ما قيل في حسن الندامى قول بعضهم:
(لقد علمَ الريحانُ والرَّاحُ أنني ... على الكأس والندمانِ غير جهولِ)
(فإن ساءني منهمْ مقامٌ غفرتهُ ... ولستُ إلى ما ساءَهم بعجولِ)
قوله
(لقد علم الريحان والراح أنني ... )
في غاية الظرف وشبيه البيت

الصفحة 317