كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

فشبهت ما يعتري بياض العين والحماليق من الحمرة عند الخمار مع السواد الحدقة بحمرة الشقائق حول سوادها. وقد أحسن أبو نواس في ذكر مزاج الكأس حيث يقول:
(ألا دارها بالماءِ حتى تُلينها ... فلنْ تكرمَ الصّهباء حتى تهينَها)
(أغالي بها حتى إذا ما ملكتها ... أدلت لا كرام الصديق مصونها)
(وصفراء قبلَ المزج بيضاءَ بعدهُ ... كأنَ شعاعَ الشمسِ يلقاكَ دونها)
(ترى العينَ تستعفيك من لمعانِها ... وتحسرُ حتى ما تُقل جفونَها)
أخذه ابن دريد فقال:
(وحمراء قبلَ المزج صفراء بعده ... بَدَتْ بينَ ثوبي نرجس وشقائقِ)
(حكتْ وجنةَ المعشوقِ صِرفاً فسلطواِ ... عليها مزاجاً فاكتستْ لونَ عاشق)
ومن أجود ما قيل في صفة القيان:
(بَدَتْ في نشوةٍ مثل المها ... أدمجنَ إدماجا)
(يجاذبنَ من الأردافِ كثباناً وأمواجاً)
(وقضباناً من الفضة ... قد أثمرتِ العاجا)
(ويسترنَ من الأبشارِ في الدِّيباج ديباجا)
(وقد لاثتْ من الكورِ ... على مفرقها تاجا)
(فلما طفنَ بالمجلس ... أفراداً وأزواجاً)
(تجاذبنَ فغنينك ... أرمالاً وأهزجا)
(وحركنَ من الأوتار ... أمساداً وادراجا)
(فلا لومَ على قلبك ... إن هيجَ فاهتاج)
ومن جيد ما قيل في بحة حلق المغني قوله أيضاً:
(أشتهي في الغناء بحة حلقٍ ... ناعم الصوت متعب مكدودِ)
(كأنين المحبَ أضعفهُ الشوقُ فضاهى به أنينَ العودِ)
(لا أحبُّ الأوتارَ تعلو كما لا ... أشتهي الضربَ لازماً للعودِ)

الصفحة 320