كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

ومثله قول الصنوبري:
(وقد نظم الروض سمطيه من ... سنان نؤيق إلى زجه)
(كفرجك خفتان وشي بد ... بياضُ الغِلالة من فرجِهْ)
ورأيت قوماً يستحسنون هذين البيتيت وهما بالاستهجان أولى لا لرداءة معناهما ولكن لتكلف ألفاظهما، وليس التكلف أن تكون الألفاظ غريبة وحشية، بل وقد يكون الكلام متكلفا وإن كان ظاهر اللفظ إذا لم يوضع في موضعه وخولف به وجه الاستعمال. وقال السري ولا أعرف في معناه أحسن منه يدعو صديقاً له:
(ألستَ ترى ركبَ الغمامُ يُساقُ ... وأدمعه بين الرياضِ تُراقُ)
(وقد رقَ جلبابُ النسيمِ على الثرى ... ولكنْ جلابيبُ الغيومِ صفاقُ)
(وعندي من الرَيحانِ نوع تحية ... وكأسٌ كرقراق الخلوقِ دهاق)
(وذو أدب جلتْ صنائع كفه ... ولكن معاني الشعرِ فيه دقاق)
(لنا أبداً من نثره ونظامهِ ... بدائعُ حليٍ ما لهنَ حقاق)
(وأغيد مهتزٌ على صحنِ خدِّه ... غلائلُ من صبغِ الحياءِ رقاقُ)
(أحاطتْ عيونُ العاشقينَ بخصرهِ ... فهنَ له دونَ النطاقِ نطاقُ)
هذا البيت من قول المتنبي:
(وخصرٍ تثبتُ الأبصارُ فيهِ ... كأنَ عليهِ من حدقٍ نطاقا)
وقد مر، وبيت السري أجود منه سبكاً ونظماً ورصفاً:
(وقد نظم المنثور فهو قلادة ... علينا وعقدٌ مذهبٌ وخناق)
(وغرفتنا بينَ السحائب تلتقي ... لهن علينا كلة ورواقُ)
(تقسم زوارٌ من الهند سقفها ... خفاف على قلب النديم رشاقُ)
وليس في هذه الأبيات عيب إلا هذا الأبطاء، وهو من أسهل العيوب التي تعتري القوافي عندهم:
(أعاجم تلتذُ الخصام كأنها ... كواعبُ زنجٍ راعهنَ طلاق)

الصفحة 322