كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

وقد استحسنَ الناس هذا البيت وأجازوه وليس هو في طريقة الاختيار لأن الطبيب يجس بيد واحدة وكذلك الضارب فليسَ لذكر اليدين وجه. ومن جيد ما قيل في صحة عبارة العود عن الغناء قول ابن أبي عون:
(تناجيك بالصوت أوتارهُ ... فتوفيك ألسنهُ أحرفه)
وأبين منه قول الناجم:
(إذا نوتَ الضربَ قبلَ الغناء ... أنشدنا شعرَها عودُها)
وقلت:
(ربَ ليل كساكَ ثوبَ نعيم ... بينَ ساقٍ وسامرٍ ونديمِ)
(وكؤوس جرتْ وراءَ كؤوس ... وأعانتْ على طريق الهموم)
(ولنا مزهرٌ كمثلِ فطيم ... في يدي مطرب كأم الفطيم)
(وسموا صدره بعاج وذبل ... فزهتهُ محاسنُ التوسيم)
(مثل أرضٍ تحبرتْ بأقاح ... أو سماء تكللتْ بنجوم)
(ذو ملاوٍ سودِ الفروع وحمر ... مثل أطرافِ فرحةٍ ونعيم)
(ووسابين لا تجولُ عليهِ ... كخلاخيل ماردٍ وظلوم)
(أحمر الزير أسود ألم أحوى ... هلْ رأيتم جداولَ التقويم)
ومن جيد ما قيل في سرعة الضرب والجس قول كشاجم: ِ
(وترى لها عوداً تحركهُ ... وكلامه وكلامها وفقا)
(لو لم تحركهُ أناملها ... كانَ الهواءُ يفيدُهُ نطقا)
(جستهُ عالمةً بحالتهِ ... جسَ الطبيبِ لمدنفٍ عرقا)
(فحسبت يمناها تحركهُ ... رعداً وخلت يمينها برقا)
وقال بعضهم في رقاص:
(عجبتُ من رجليه تتبعانه ... يعلوهما طوراً ويعلوانه)
(كأنَّ أفعيين تلسعانه ... )
ومما لم يقل مثله في إزالة الخمار بمعاودة الشرب قول الأعشى:

الصفحة 328