كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

(فقلتُ له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازاً وناءَ بكلكلِ)
(ألا أيها الليلُ الطويلُ لأنجل ... بصبحٍ وما الأصباحُ منك بأمثلِ)
وهذا من أفصح الكلام وأبرعه إلا أن فيه تضميناً يلحق به بعض العيب وهو من أدل شئ على شدة الحب والهم لأنه جعل الليل والنهار سواء عليه فيما يكابده من الوجد والحزن وجعل النهار لا ينقصه شئ من ذلك وهذا خلاف العادة إلا أنه دخل في باب الغلو. والذي
أخبرنا بما في العادة الطرماح في قوله:
(ألا أيها الليلُ الطويلُ ألا أصبح ... بصبح وما الإصباحُ منك بأروح)
فهذا معنى قول امرئ القيس، ثم استدرك فقال:
(على أنَ للعينينِ في الصبح راحةً ... بطرحيهما طرفيهما كلَ مطرحِ)
فجاء بما لا يشك أحد في صحته إلا أن لفظه لا يقع مع لفظ امرئ القيس موقعاً والتكلف في قوله
(بطرحيهما طرفيهما كل مطرح)
بين والكراهة فيه ظاهرة. وقال ابن الدمينة في معنى قول الطرماح:
(أظلُ نهاري فيكم متعللاً ... ويجمعني والهمّ بالليلِ جامع)
وقال المجنون:
(يضمُ إليَّ الليلُ أطفالَ حبها ... كما ضمَ أزرارَ القميصِ البنائقُ)
جعل ما ينشأ من الهم بالليل أطفالا، وفي هذا المعنى يقول النابغة:
(كليني لهمٍ ياأميمةُ ناصب ... وليل أقاسيهِ بطئ الكواكبِ)
(تطاولَ حتى قلتُ ليس بمنقضٍ ... وليل الذي يرعى النجومَ يآيب)
(وصدرٍ أراحَ الليل عازبَ همه ... تضاعف فيه الحزن من كلِّ جانبِ)

الصفحة 346