كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

(ساعاتها أطولُ من يوم النّوى ... وليلةِ الهجرِ وساعاتِ العذَلْ)
(موصدة على الورى أبوابها ... كالنار لا يخرجُ منها من دخل)
وهذا يستملح وإن لم يكن مختارا من التشبيه الأن إخراج المحسوس إلى ما ليس بمحسوس في التشبيه ردئ. ومن التشبيه الغريب في ذلك قول بعض العرب:
(ويوم كظلَ الرُّمح قصرَ طولهُ ... دم الزقَ عنا واصطكاك المزاهر)
وقال البحتري:
(وقاسينَ ليلاً دونَ قاسان لم تكد ... أواخرهُ من بعدٍ قطريه تلحقُ)
وقال ابن المعتز في نحوه:
(وحلتْ عليه ليلةٌ أرحبيةٌ ... إذا ما صفا فيها الغديرُ تكدَّرا)
(بعيدة ما بين البياضين لم يكد ... يصدق فيها صبحها حينَ بشرا)
وقال:
(بمخشية الأقطار حيلية الصدى ... معطلة الآيات محذورة القصدِ)
(كأنَ نجومَ الليلِ في حجراته ... دراهمُ زيف لم يجزن علة النقد)
يريد أن تجومه واقفة ليست تسير فكأنها دراهم زيفت ليست تنقد. وقد أبر بعض المحدثين على من تقدم حيث يقول في طول الليل على دناءة لفظه:
(عهدي بنا ورداءُ الليلُ منُسدلٌ ... والليلُ أطولهُ كاللمحِ بالبصرِ)
(والآن ليلى مذ باتوا فديتهم ... ليلُ الضريرِ فصبحي غير منتظر)
وهذا أبلغ معنى من قول امرئ القيس الذي تقدم إلا أنه لا يدخل في مختار الكلام لابتذال لفظه وزيادته على معناه وسوء صنعته، والمعنى أن ليله ممدود بلا انقضاء كالليل للضرير كله عند الضرير ليل. وقال علي بن الخليل:
(لا أظلمُ الليلَ ولا أدَّعي ... أنَّ نجومَ الليلِ ليستْ تعول)
(ليلي كما شاءَتْ قصيرٌ إذا ... جادَتْ وإن ضنّت فليلي طويلْ)
فأغار عليه ابن بسام فقال:

الصفحة 348