كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

(لا أظلمُ الليلَ ولا أدَّعي ... أنَّ نجومَ الليلِ ليست تغور)
(ليلي كما شاءَتْ فإنْ لم تَزُر ... طالَ وإنْ زارتْ فليلي قصير)
إلا أن بيته الثاني أحسن تقسيماً من بيت الخليل. وسمعت كافي الكفاة يقول لأبي أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد وقد أنشده
(جُلُ همي وهمتي جرجانُ)
فقال هذا المصراع خطبه، قال أبو هلال العسكري وأنا أقول إن قوله: ليلى كما شاءت خطبه. وقال سعيد بن حميد:
(يا ليلُ بلْ يا أبدُ ... أنائمٌ عنك غَدُ)
وقال ابن الرومي وأحسن التشبيه
(ليست تزول ولكن تزيد)
وقلت:
(غابوا فلم أدرِ ما ألاقي ... مسٌ من الوَجدِ أو جنونُ)
(ليلىَ لا يبتغي براحاً ... كأنهُ أدهمٌ حَرونُ)
(أجيلُ في صفحتيهِ عيناً ... ما تتلاقى لها جفُون)
وملح ابن الأحنف في قوله:
(حَدثوني عن النهار حديثاً ... وصِفوهُ فقد نسيتُ النهارا)
وقد أنبأ بشار عن العلة التي يستطال لها الليل وهو السهر فقال:
(لم يطلْ ليلي ولكنْ لم أنمْ ... ونفى عني الكرى طيفٌ ألمّ)
ولا أرى في قلة النوم أجود من قول المجنون:
(ونوم كحشرِ الطيرِ بتنا ننوشه ... على شعبِ الأكوارِ والليل غاسقُ)
على أن زهيراً قد قال
(وكصفقة بالكف كان رقادي ... )
والأول أفصح وأنبأ العجاج أيضاً عن العلة التي لها يطول الليل
(تطاول الليل على من لم ينم ... )
وقال بشار:
(لخدَّيك من كفيك في كلِّ ليلةٍ ... إلى أنْ ترى ضوء الصباح وسادُ)
وهذا مأخوذ من قول أبي ذؤيب
(نام الخلي وبت الليل مشتجرا ... )
والاشتجار وضع اليد على الخد والاعتماد عليها وهو جلسة المتفكر:

الصفحة 349