كتاب ديوان المعاني (اسم الجزء: 1)

وقال آخر:
(يا ليلة طالتْ على عاشقٍ ... منتظرٍ في الصبح ميعادا)
(كادتْ تكونُ الحولَ في طولها ... إذا مضى أوَّلها عادا)
أجود ما قيل في قصر الليل وأشده اختصاراً قول إبراهيم بن العباس:
(وليلة من الليالي الزُهر ... قابلتُ فيها بدرها ببدري)
(لم تكُ غيرَ شفقٍ وفجر ... حتى تولَّتْ وهي بكرُ الدَّهرِ)
وقال غيره:
(وليلةٍ فيها قصرِ ... عشاؤُهِا مثلُ السّحَرِ)
وهذا على غاية الاختصار. وقال العلوي الأصفهاني في قصر الليل واليوم:
(ويوم دجنٍ ذو ضميرٍ متهم ... مثل سرور شابهُ عارضُ غمّ)
(صحوٌ وغيمُ وضياءٌ وظُلْم ... كأنهُ مستعرٌ قد ابتسمْ)
(ما زلتُ فيه عاكفاً على صنمْ ... مُهفهف الكشحِ لذيذِ الملَتزم)
(تفاحه وقفٌ على لثمٍ وشمِ ... وبانة وقفٌ على هصرٍ وضَم)
(يا طيَبه يوم تولى وانصرمْ ... وجودهٍ من قصرٍ مثل العدمْ)
وقلت:
(قصر العيشُ بأكناف الغضا ... وكذا العيشُ إذا طابَ قصر)
(في ليالِ كأباهيم القطا ... لستَ تدري كيف تأتي وتمرّ)
وقلت:
(إذا البرق من شرقيِّ دجلة ينبري ... على صفحات البارق المتألق)
(أشبهه دهراً أغرَ محجلاً ... نعمنا به ظلَ فينان مروق)
(فمرَّ كرجعِ الطرفِ ليس يرده ... حنينٌ إلى مخبورة المتعشقِ)
(وقد يعرض المحذور من حيث يرتجي ... ويمكنك المرجو من حيث تتقي)
أخبرنا أبو أحمد عن الصولي عن محمد بن سعيد عن أبي عكرمة قال أنشدت أعرابياً قول جرير:
(أبدلَ الليلُ لا تسري كواكبهُ ... أم طال حتى حسبت النجمَ حيرانا)
فقال هذا حسن وأعوذ بالله منه ولكن أنشدك في ضده من قولي وأنشدني:

الصفحة 351